للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمره، وجنبنا ضرره، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين، ولالائك من الذاكرين، وبارك لنا فيه يا رب العالمين! ويقال: إن هذا القول أمان لذلك الزرع من جميع الافات، الدود والجراد وغير ذلك، سمعناه من ثقة، وجرّب، فوجد كذلك. انتهى. قرطبي بحروفه.

{لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً} أي: متكسرا. والحطام: الهشيم الهالك؛ الذي لا ينتفع به في مطعم، ولا في غذاء. قيل: هو جواب لمعاند يقول: نحن نحرثه، وهو بنفسه يصير زرعا، لا بفعلنا، ولا بفعل غيرنا، فرد الله على هذا المعاند بقوله: {لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً} فهل تقدرون أنتم على حفظه؟، أو هو يدفع عن نفسه بنفسه تلك الافات؛ التي تصيبه؟! ولا يشك أحد في أن دفع الافات لا يكون إلا بإذن الله، وحفظه. انتهى. خازن، وقرطبي. {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أي:

تتعجبون مما نزل بكم في زرعكم. وقيل: تندمون على نفقاتكم. وقيل: تندمون على ما سلف منكم من المعاصي التي أوجبت تلك العقوبة. وقيل: تتلاومون. وقيل: تحزنون. وقيل: هو تلهف على ما فات. قال الكسائي: (تفكه) من الأضداد، تقول العرب: تفكهت بمعنى: تنعمت، وتفكهت بمعنى: حزنت. هذا؛ ولا يوجد هذا اللفظ إلا في هذه السورة. هذا؛ وأصل التفكه تناول ضروب الفواكه للأكل، والفكاهة: المزاح، ومنه حديث زيد: كان من أفكه الناس مع أهله، ورجل فكه: طيب النفس، وقد استعير هنا للتنقل في الحديث.

هذا؛ و (ظلتم) أصله: ظللتم. فحذفت اللام الأولى تخفيفا، ومثله قوله تعالى في سورة (طه) حكاية عن قول موسى للسامري: {وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً} رقم [٩٧].

هذا؛ ويقرأ: «(ظللتم)» على الأصل، ويقرأ بفتح الظاء، وكسرها؛ إذا حذفت اللام الأولى.

قراآت ثلاث. هذا؛ والمراد من الفعل هنا وفي سورة (طه) الاستمرار، لا التوقيت بالنهار فقط، كما في قوله تعالى في سورة (الشورى) رقم [٣٣]: {فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ} وهو يفيد:

أنه بمعنى المستقبل أيضا وفي كثير من الايات: {لَظَلُّوا} وأصله: ظللوا، فسكنت اللام الأولى بعد إسقاط حركتها، وأدغمت في الثانية، وذلك كراهة أن يجمع بين حرفين متحركين من جنس واحد في كلمة واحدة وهذا يطرد في كل مضعف، مثل: مدّوا، وشدّوا، فإذا اتصل به ضمير متحرك؛ وجب الفك، مثل قولك: ظللت، وظللنا، وظللن. وتقول: ظللت أفعل ذلك، وظللت أفعله، وظلت أفعله بكسر الظاء وفتحها: إذا كنت تفعله نهارا.

{إِنّا لَمُغْرَمُونَ} أي: لملزمون غرامة ما أنفقنا، أو لمهلكون لهلاك رزقنا. من: الغرام، وهو الهلاك، وعن ابن عباس، وقتادة-رضي الله عنهما-قالا: والغرام: العذاب، ومنه قول ابن المحلم: [الطويل] وثقت بأنّ الحفظ مني سجية... وأن فؤادي متبل بك مغرم

وقال مجاهد، وعكرمة-رضي الله عنهما-: لمولع بنا. ومنه قول النمر بن تولب-رضي الله عنه-: [المتقارب]

<<  <  ج: ص:  >  >>