للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور، بالدرجات العلى، والنعيم المقيم. قال: «وما ذاك؟».

قالوا: يصلون كما نصلّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون، ولا نتصدّق، ويعتقون، ولا نعتق. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلاّ من صنع مثل ما صنعتم؟». قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال:

«تسبّحون وتكبّرون، وتحمدون دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين مرّة». قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء». رواه البخاري ومسلم.

تنبيه: ذكر الله عز وجل: أن عرض الجنة كعرض السماء والأرض للمبالغة في وصفها بالسعة؛ لأن العرض دون الطول، يقال: هذه صفة عرضها؛ فكيف طولها؟! قال الزهري: إنما وصف عرضها، فأما طولها فلا يعلمه إلا الله تعالى، وهذا على سبيل التمثيل، لا أنها كالسموات، والأرض لا غير، بل معناه: كعرض السموات السبع، والأرضين السبع عند ظنكم؛ لو وصل بعضها ببعض. روي: أن ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-: إذا كانت الجنة عرضها ذلك، فأين تكون النار؟ فقال لهم: أرأيتم إذا جاء الليل فأين يكون النهار، وإذا جاء النهار؛ فأين يكون الليل؟ فقالوا: إنه لمثلها في التوراة. ومعناه حيث شاء الله. وسئل أنس بن مالك-رضي الله عنه-عن الجنة: أفي السماء، أم في الأرض؟ فقال: وأي سماء وأي أرض تسع الجنة؟ قيل: فأين هي؟ قال: فوق السموات السبع تحت العرش. وقال قتادة-رضي الله عنه-: كانوا يرون: أن الجنة فوق السموات السبع، وأن جهنم تحت الأرضين السبع. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {سابِقُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية ابتدائية، أو مستأنفة، لا محل لها. {إِلى مَغْفِرَةٍ:} متعلقان بما قبلهما. {مِنْ رَبِّكُمْ:} متعلقان ب‍: {مَغْفِرَةٍ،} أو بمحذوف صفة له. {وَجَنَّةٍ:} معطوف على (مغفرة).

{عَرْضُها:} مبتدأ، (وها): في محل جر بالإضافة. {كَعَرْضِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وإن اعتبرت الكاف اسما؛ فهي الخبر، وتكون مضافة، و (عرض): مضاف إليه، والجملة الاسمية في محل جر صفة (جنة). {وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله، {أُعِدَّتْ:} فعل ماض مبني للمجهول، والتاء للتأنيث، ونائب الفاعل يعود إلى جنة، والجملة الفعلية في محل جر صفة ثانية ل‍: (جنة)، أو في محل نصب حال منها بعد وصفها بالجملة الاسمية بعدها، وتكون «قد» قبلها مقدرة، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها. {لِلَّذِينَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة: {آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ} صلة الموصول، لا محل لها.

{ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {فَضْلُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و (الله) مضاف إليه، من إضافة

<<  <  ج: ص:  >  >>