للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليتوسلوا به إلى طاعته، فهو جدير بأن يكون للمطيعين؛ والنبي صلّى الله عليه وسلّم رأسهم، ورئيسهم، وبه أطاع من أطاع، فكان أحق به. {مِنْهُمْ:} من بني النضير، أو من الكفرة. {فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ:}

أوضعتم عليه، والإيجاف: الإيضاع في السير، وهو الإسراع، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في الإفاضة من عرفات: «ليس البرّ بإيجاف الخيل ولا إيضاع الإبل على هينتكم». يقال: وجف الفرس: إذا أسرع، وأوجفته أنا؛ أي: حركته، وأتعبته. ومنه قول تميم بن مقبل: [الطويل] مذاويد بالبيض الحديث صقالها... عن الركب أحيانا إذا الرّكب أوجفوا

{مِنْ خَيْلٍ:} الخيل: اسم جمع لا واحد له من لفظه، ويجمع على: خيول، والخيل مؤنثة؛ لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الادميين، مثل: خيل، وغنم، وإبل؛ فالتأنيث لها لازم، وإذا قالوا: خيلان، وغنمان، وإبلان، فإنما يريدون قطيعين من الخيل، والغنم، والإبل، وسميت الخيل خيلا لاختيالها في مشيها؛ أي: فإنها تمشي مشية المختال؛ أي: المتكبر.

{وَلا رِكابٍ:} الركاب: الإبل، واحدتها: راحلة من غير جنسها؛ أي: إنه اسم جمع لا واحد له من لفظه. وقيل: واحدتها ركوبة، والركب: أصحاب الإبل في السفر دون الدواب، وهم العشرة فما فوقها، والركبان: الجماعة منهم. قال القحيف العقيلي وهذا هو الشاهد رقم [١٧٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الوافر] فما رجعت بخائبة ركاب... حكيم بن المسيّب منتهاها

{وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ} أي: إن سنة الله تعالى جارية على أن يسلط رسله على من يشاء من أعدائه تسليطا غير معتاد من غير أن يقتحموا مضايق الخطوب، ويقاسوا شدائد الحروب. {مَنْ يَشاءُ} أي: من أعدائه يقذف الرعب في قلوبهم. {وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:}

قادر، مقتدر، فيفعل ما يشاء من انتقام من أعدائه، ومن إمهال لهم إلى الاخرة. ومعنى الاية:

أن ما خوّل الله رسوله من أموال بني النضير شيء، لم تحصّلوه بالقتال، والغلبة، ولكن سلطه الله عليهم، وعلى ما في أيديهم، كما كان يسلط رسله على أعدائهم. فالأمر فيه مفوض إليه، يضعه حيث يشاء. ومجمل القول: أنه لا يقسم قسمة الغنائم؛ التي قوتل عليها، وأخذت عنوة، وقهرا. وذلك: أنهم طلبوا القسمة، فنزلت الاية الكريمة، وبينات ما ذكر، فقسمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين المهاجرين، ولم يعط الأنصار منها شيئا، إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة، وهم: أبو دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصّمة.

عن مالك بن أوس النضري-رضي الله عنه-: أن عمر-رضي الله عنه-دعاه؛ إذ جاءه حاجبه يرفأ: فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير،

<<  <  ج: ص:  >  >>