للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسعد يستأذنون؟ قال: نعم، فأدخلهم. فلبث قليلا، ثم جاء يرفأ، فقال: هل لك في عباس، وعلي يستأذنان؟ قال: نعم، فأذن لهما، فلما دخلا. قال العباس-رضي الله عنه-: يا أمير المؤمنين! اقض بيني وبين هذا. (يعني عليا-رضي الله عنه-) فقال القوم: أجل يا أمير المؤمنين اقض بينهما، وأرح أحدهما من الاخر-قال مالك بن أوس: يخيل إليّ: أنهم قدّموهم لذلك- فقال عمر: اتئدوا، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء، والأرض، هل تعلمون: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا نورث ما تركنا صدقة» يريد بذلك نفسه. قالوا: نعم.

ثم أقبل عمر على العباس، وعلي، وقال: أنشدكما بالله الذي تقوم السماء، والأرض بإذنه، أتعلمان: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا نورث ما تركنا صدقة»؟ قالا: نعم. قال عمر: إن الله خص رسوله صلّى الله عليه وسلّم بخاصّة لم يخصص بها أحدا غيره، فقال: {فَما أَوْجَفْتُمْ..}. إلخ فقال: فقسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينكم أموال بني النضير، فو الله ما استأثرها عليكم، ولا أخذها دونكم، فقد أعطاكموها، وقسمها فيكم حتى بقي هذا المال، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأخذ منه نفقة سنة، ثم ما بقي يجعله مجعل مال الله، فعمل بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السّماء، والأرض أتعلمون ذلك؟ قالوا: نعم. قال: ثم أنشد عباسا، وعليا بمثل ما نشد القوم أتعلمان ذلك؟ قالا: نعم.

قال: فلما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال أبو بكر: أنا وليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقبضه أبو بكر، فعمل فيه بما عمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنتم حينئذ. وأقبل على عليّ وعباس-رضي الله عنهما-وقال:

أتذكران أن: أبا بكر عمل فيه كما تقولان. والله يعلم إنه لصادق، بارّ راشد، تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر، فقلت: أنا وليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر، فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيهما بما عمل فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر، والله يعلم إني فيه لصادق بارّ راشد، تابع للحق، ثم جئتماني كلاكما؛ وكلمتكما واحدة، وأمركما جميع، فقلت لكما: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا نورث ما تركنا صدقة». قلتما: ادفعه إلينا، فلما بدا لي أن أدفعه إليكما. قلت: إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر، وما عملت فيه منذ وليت، وإلا فلا تكلماني، فقلتما: ادفعه إلينا بذلك، فدفعته إليكما، أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فو الله الذي بإذنه تقوم السماء، والأرض لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة! فإن عجزتما عنه فادفعاه إليّ، فإني أكفيكماه: متفق عليه. انتهى. خازن.

الإعراب: {وَما:} (الواو): حرف استئناف. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَفاءَ اللهُ:} ماض، وفاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف، التقدير: والذي أفاء الله. {عَلى رَسُولِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِنْهُمْ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المحذوف، العائد على

<<  <  ج: ص:  >  >>