للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّه قد صدقكم». فقال عمر-رضي الله عنه-: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق! فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعلّ الله اطلع على أهل بدر، فقال:

اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». فأنزل الله عز وجل الاية.

روضة خاخ: موضع بقرب حمراء الأسد من المدينة. وقيل: إنه موضع قريب من مكة، والأول أصح. والظعينة: المرأة المسافرة، سميت بذلك لملازمتها الهودج، وجمعها: ظعائن، والعقاص: الشعر المضفور. وهذه المرأة اسمها سارّة مولاة لأبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف، أتت المدينة، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يتجهز لفتح مكة، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أمسلمة جئت؟». قالت: لا. قال: «أمهاجرة جئت؟». قالت: لا. قال: «فما جاء بك؟». قالت: كنتم الأهل، والعشيرة، والموالي، وقد ذهبت مواليّ، وقد احتجت حاجة شديدة، فقدمت إليكم لتعطوني، وتحملوني، فقال لها: «وأين أنت من شباب مكة؟!». وكانت مغنية نائحة. قالت: ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر. فحث النبي صلّى الله عليه وسلّم بني عبد المطلب على إعطائها، فأعطوها نفقة، وكسوة، وحملوها. فأتاها حاطب بن أبي بلتعة، حليف بني أسد بن عبد العزى، وهو من أهل اليمن، فكتب معها إلى أهل مكة، وأعطاها عشرة دنانير، وكساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة، وكتب في الكتاب: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يريدكم، فخذوا حذركم! فخرجت سارّة ونزل جبريل عليه السّلام، فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم بما فعل... إلخ.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} هذا نداء من الله تعالى للمؤمنين بأكرم وصف، وألطف عبارة؛ أي:

يا من صدقتم الله، ورسوله، وتحليتم بالإيمان؛ الذي هو زينة الإنسان. وذكر: أن حاطبا-رضي الله عنه-لما سمع هذا النداء؛ غشي عليه من الفرح بخطاب الإيمان. {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ:} أصدقاء وأحباء، فهو جمع ولي، وهو من يتولى شؤون غيره، والنصير: المعين، والمساعد. والفرق بينهما: أن الولي قد يضعف عن النصرة، والمعاونة، والنصير قد يكون أجنبيا من المنصور، فبينهما عموم، وخصوص من وجه. هذا؛ وعدو: ضد الصديق، وهو على وزن فعول بمعنى فاعل، مثل: صبور، وشكور، وما كان من هذا الوزن يستوي فيه المفرد، والمثنى، والجمع. والمذكر، والمؤنث، إلا لفظا واحدا جاء نادرا. قالوا: هذه عدوّة الله. قال تعالى:

{إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} فعبر به عن مفرد، وقال تعالى في سورة (الشعراء): {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاّ رَبَّ الْعالَمِينَ} فقد عبر به عن جمع، ومثل ذلك صديق، وجمع عدو: أعداء، وأعاد، وعدات، وعدى. وقيل: أعاد جمع: أعداء، فيكون جمع الجمع. وفي القاموس المحيط:

والعدا بالضم والكسر: اسم الجمع. هذا؛ وسمي العدو عدوا لعدوه عليك عند أول فرصة تسنح له للإيقاع بك، والقضاء عليك، كما سمي الصديق صديقا؛ لصدقه فيما يدعيه لك من الألفة، والمودة، والمحبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>