سفيان، وهما على شركهما في مكة، والأخرى: أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية، وهي أم ابنه عبيد الله، فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن غنم، وهما على شركهما، فلما ولي عمر-رضي الله عنه-الخلافة قال أبو سفيان لمعاوية: طلق قريبة لئلا يرى عمر سلبه في بيتك، فأبى معاوية من ذلك. وكانت أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب تحت طلحة بن عبيد الله، فهاجر طلحة-رضي الله عنه-وبقيت على دين قومها، ففرق الإسلام بينهما، فتزوجها بعده في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص بن أمية. قال الشعبي: وكانت زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم امرأة أبي العاص بن الربيع، فأسلمت وهاجرت، ولحقت بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وأقام أبو العاص بمكة مشركا، ثم أتى المدينة، فأمنته-رضي الله عنها-ثم أسلم، فردها عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم. قيل: ردت إليه بعد سنتين. وقيل بعد ست سنين، وهو ابن أخت خديجة-رضي الله عنها-.
وهذا الحكم يقع بين الزوجين إذا ارتد أحدهما عن الإسلام، فإن رجع المرتد إلى الإسلام قبل انقضاء عدة المرأة، فالنكاح يبقى بينهما، وإن ارتد أحدهما قبل الدخول تقع الفرقة في الحال؛ إذ لا عدة على غير المدخول بها؛ وإن كانا في دار واحدة.
{وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا} قال المفسرون: كان من ذهب من المسلمات مرتدات إلى الكفار من أهل العهد، يقال للكفار: هاتوا مهرها، ويقال للمسلمين إذا جاء أحد من الكافرات مسلمة مهاجرة: ردوا إلى الكفار مهرها، وكان ذلك نصفا، وعدلا بين الحالتين، وكان هذا حكم الله مخصوصا بذلك الزمان في تلك النازلة خاصة بإجماع الأمة. قاله ابن العربي، أقول: وهذا يعني: أن هذا الحكم منسوخ. قال النسفي-رحمه الله تعالى-: وهو منسوخ، فلم يبق سؤال المهر لا منا، ولا منهم. انتهى.
{ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ} أي: جميع ما ذكر في هذه الاية هو حكم الله لا اعتراض عليه. {يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ:} فيجب عليكم الرضا به، والانصياع له، وقد انصاع له المؤمنون، وأباه الكافرون، كما ستقف عليه في الاية التالية. {وَاللهُ عَلِيمٌ:} بمصالح العباد. {حَكِيمٌ:} في تشريعه لهم، لا يشرع إلا ما تقتضيه الحكمة البالغة. والله أعلم بمراده.
الإعراب:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الاية رقم [١]. {إِذا:} ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب.
{جاءَكُمُ:} فعل ماض، والكاف مفعول به. {الْمُؤْمِناتُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها على المشهور المرجوح. {مُهاجِراتٍ:} حال من {الْمُؤْمِناتُ} منصوب وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. هذا؛ و {الْمُؤْمِناتُ} صفة لموصوف محذوف، التقدير: النساء المؤمنات. {فَامْتَحِنُوهُنَّ:} الفاء: واقعة في جواب {إِذا}.
(امتحنوهنّ): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والهاء مفعوله، والنون في الجميع