{قالُوا} أي: لما ظهر أمره، وجاء بالبينات؛ قال الكافرون:{هذا سِحْرٌ مُبِينٌ}. في قراءة حمزة، والكسائي: «(ساحر)» وقد استدل البيضاوي بهذه القراءة على أن المراد به عيسى، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
وعن كعب الأحبار: أن الحواريين قالوا لعيسى: يا روح الله! هل بعدنا من أمة؟ قال: نعم أمة أحمد: حكماء، علماء، أبرار، أتقياء، كأنهم من الفقه أنبياء، يرضوان باليسير من الرزق، ويرضى الله منهم باليسير من العمل. انتهى. كشاف.
وخذ ما يلي: فعن أبي الدرداء-رضي الله عنه-قال: سمعت أبا القاسم صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الله عز وجلّ قال: يا عيسى! إنّي باعث من بعدك أمّة إن أصابهم ما يحبّون؛ حمدوا الله، وإن أصابهم ما يكرهون؛ احتسبوا، وصبروا، ولا حلم، ولا علم! فقال: يا ربّ كيف يكون هذا؟ قال: أعطيهم من حلمي، وعلمي». رواه الحاكم. وقال: صحيح على شرط البخاري.
هذا؛ والسحر: كل ما لطف ودقّ، يقال: سحره: إذا أبدى له أمرا يدق عليه، ويخفى.
وقال الغزالي-رحمه الله-في الإحياء ما نصه: السحر نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهر، وبأمور حسابية في مطالع النجوم، فيتخذ من تلك الخواص هيكل على صورة الشخص المسحور، ويترصد له وقت مخصوص من المطالع، وتقرن به كلمات يتلفظ بها من الكفر، والفحش المخالف للشرع، ويتوصل بسببها إلى الاستغاثة بالشياطين، ويحصل من مجموع ذلك بحكم إجراء الله العادة أحوال غريبة في الشخص المسحور. انتهى. هذا؛ والمعتمد أنّ من تعلّمه لدفع الضرر عن نفسه، أو عن غيره، أو اتخذه الشخص ذريعة للاتقاء عن الاغترار بمثله بقي على الإيمان، فلا كفر باعتقاد حقيقته، وجواز العمل به من غير إضرار بأحد. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَإِذْ قالَ عِيسَى:} هو مثل الاية السابقة بلا فارق. {اِبْنُ:} صفة {عِيسَى،} أو هو بدل منه، و {اِبْنُ} مضاف، و {مَرْيَمَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والتأنيث المعنوي. {يا بَنِي:}(يا): أداة نداء تنوب مناب أدعو.
(بني): منادى منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و (بني) مضاف، و {إِسْرائِيلَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {رَسُولُ:} خبر (إنّ) وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {إِلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من {رَسُولُ اللهِ} وأجيز تعليقهما ب: {رَسُولُ} نفسه؛ لأنه بمعنى: مرسول الله.
{مُصَدِّقاً:} حال من الضمير المستكن في {رَسُولُ اللهِ} لتأويله ب: «مرسل» وهو العامل في الحال بهذا الاعتبار. انتهى. جمل. وقال مكي: حال من (عيسى). {لِما:} جار ومجرور متعلقان ب: