للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ واللهو: الاستمتاع بلذات الدنيا. وقيل: هو الاشتغال بما لا يعني الإنسان، وما لا يهمه. وجاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «كلّ ما يلهو به الرجل باطل إلا رميه بقوسه، ومداعبته زوجته، وترويضه فرسه». أي فإن ذلك من الحق المباح، بل فيه ثواب، وأجر.

تنبيه: في الاية الكريمة التفنن بتقديم الأهم في الذكر، أولا في قوله تعالى: {وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها} لأن المقصود الأساسي هو التجارة، ثم قال تعالى: {قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ} فقدم اللهو على التجارة؛ لأن الخسارة بما لا نفع فيه أعظم، فقدم ما هو أهم في الموضعين. انتهى. صفوة التفاسير للصابوني. وانظر ما ذكرته في الاية رقم [٧١] من سورة (غافر) ففيها بحث قيم. هذا؛ ورد الضمير إلى التجارة؛ لأنها أهم. وقيل: المعنى وإذا رأوا تجارة؛ انفضوا إليها، أو لهوا؛ انفضوا إليه، فحذف لدلالة الأول عليه، كقول قيس بن الخطيم الأوسي، وهذا هو الشاهد رقم [١٠٥٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [المنسرح] نحن بما عندنا وأنت بما... عندك راض، والرأي مختلف

وفي هذا البيت حذف خبر المبتدأ الأول لدلالة الثاني عليه؛ إذ الأصل: (نحن بما عندنا راضون) وهو قليل، والأكثر أن يحذف خبر الثاني لدلالة الأول عليه، كقول ضابئ بن الحارث البرجمي، وهذا هو الشاهد رقم [٨٥٨] من كتابنا: «فتح القريب المجيب». [الطويل] فمن يك أمسى بالمدينة رحله... فإنّي وقيّار بها لغريب

وانظر قوله تعالى في سورة (التوبة) رقم [٦٢]: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ،} وقوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [١٦]: {يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}.

هذا؛ وقد اختلف في العدد الذي تنعقد به الجمعة على أقوال: فعند الشافعي-رحمه الله تعالى-: كل قرية فيها أربعون رجلا، بالغين عقلاء، أحرارا مقيمين، لا يظعنون عنها صيفا، ولا شتاء، إلا ظعن حاجة، وأن يكونوا حاضرين من أول الخطبة إلى أن تقام الجمعة؛ وجبت عليهم الجمعة، ويشترط ألاّ تتعدد في البلدة إلا لحاجة، وهي عدم وجود مسجد يسع الجميع، فإن تعددت لغير ما حاجة أعادها الجميع ظهرا؛ أي: يعيدون الصلاة أربع ركعات بنية الظهر. ومال أحمد، وإسحاق-رحمهما الله تعالى-إلى هذا القول، ولم يشترطا هذه الشروط.

وقال مالك-رحمه الله تعالى-: إذا كانت قرية، اجتمع فيها ثلاثون بيتا؛ فعليهم الجمعة.

وقال أبو حنيفة-رحمه الله تعالى-: لا تجب الجمعة على أهل السواد، والقرى، لا يجوز لهم إقامتها فيها، واشترط في وجوب الجمعة، وانعقادها المصر الجامع، والسلطان القاهر، والسوق القائمة، والنهر الجاري، واحتج بحديث علي-رضي الله عنه-: لا جمعة، ولا تشريق إلا في مصر جامع، ورفقة تعينهم. وهذا يرده حديث ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: إن أول جمعة

<<  <  ج: ص:  >  >>