جمّعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقرية من قرى البحرين، يقال لها: جواثى (ككسالى) وحجة الشافعي-رحمه الله تعالى-في الأربعين: حديث جابر المذكور؛ الذي خرجه الدارقطني.
وفي سنن ابن ماجه، والدارقطني أيضا، ودلائل النبوة للبيهقي: عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك-رضي الله عنهما-. قال: كنت قائد أبي حين ذهب بصره، فإذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان، صلى على أبي إمامة، واستغفر له. قال: فمكث كذلك حينا لا يسمع الأذان بالجمعة؛ إلا فعل ذلك، فقلت له: يا أبت استغفارك لأبي أمامة كلما سمعت أذان الجمعة، ما هو؟! قال: أي بني! هو أول من جمّع بالمدينة في هزم من حرّة بني بياضة، يقال له: نقيع الخضمات. قال قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال أربعون رجلا. وأبو أمامة هو أسعد بن زرارة-رضي الله عنه-. وقال جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-: مضت السنة: أنّ في كل ثلاثة إماما، وفي كل أربعين فما فوق ذلك جمعة، وأضحى، وفطرا، وذلك: أنهم جماعة. خرجه الدارقطني.
انتهى. قرطبي.
هذا؛ والخطبتان تقومان مقام الركعتين، وقد رأيت فيما سبق: أن أبا حنيفة-رحمه الله تعالى-يعتبر كل جملة تفيد ذكرا خطبة، تحميدا، أو تسبيحا لله، وأما الشافعي فالخطبتان عنده لهما شروط، وأركان، فالشروط هي التي تشترط لإقامة الجمعة، وهو ما تقدم ذكره، وأما أركان الخطبتين فهي خمسة: حمد الله تعالى، والصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والوصية بالتقوى، وتجب هذه الثلاثة في الخطبتين، الرابع قراءة آية مفهمة في إحداهما، الخامس الدعاء للمؤمنين في الثانية، وشروطهما زيادة على ما تقدم ذكره: القيام لمن قدر عليه، وكونهما بالعربية، وبعد الزوال، والجلوس بينهما بالطمأنينة، وإسماع العدد الذي تنعقد به الجمعة، والموالاة بينهما وبين الصلاة أيضا، وطهارة الحدثين، وطهارة النجاسة، والسّتر.
الإعراب:{وَإِذا:} الواو: حرف عطف. (إذا): انظر الاية رقم [٩]. {رَأَوْا:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {تِجارَةً:} مفعول به. هذا؛ واعتبر الجمل الفعل بمعنى: علموا، وقدر له مفعولا ثانيا؛ أي: قدمت، وحصلت، وأرى: أنه لا مبرر له، فالجملة الفعلية التي قدرها فيها معنى الصفة لتجارة. والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح.
{أَوْ:} حرف عطف. {لَهْواً:} معطوف على {تِجارَةً}. {اِنْفَضُّوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها جواب (إذا)، و (إذا) ومدخولها كلام معطوف على ما قبله، لا محل له مثله. {إِلَيْها:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {وَتَرَكُوكَ قائِماً:} ماض، وفاعله، ومفعولاه، والجملة الفعلية معطوفة على جواب (إذا).
وقال الجمل: الجملة في محل نصب حال من فاعل: {اِنْفَضُّوا} و «قد» مقدرة عند بعضهم.