-رضي الله عنهما-قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-عن المرأتين من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم اللتين قال الله عز وجل فيهما:{إِنْ تَتُوبا..}. إلخ حتى حج، وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق؛ عدل، وعدلت معه بالإداوة (ركوة ماء) فتبرز (خرج إلى الفضاء ليقضي حاجته) ثم أتاني، فصببت على يديه، فتوضأ، فقلت: يا أمير المؤمنين! من المرأتان من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم اللتان قال الله فيهما: {إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ..}. إلخ؟ قال عمر-رضي الله عنه-: واعجبا لك يابن عباس! قال الزهري: كره منه ما سأله عنه، ولم يكتمه، قال: هما عائشة، وحفصة.
{فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ:} وليه، وناصره، فلا يؤثر عليه ذلك التظاهر، والتعاون منكما عليه.
{وَجِبْرِيلُ:} أفرده بالذكر مع دخوله في الملائكة المذكورين بعده تعظيما له، وإظهارا لمكانته عند الله تعالى، فيكون قد ذكر مرتين: مرة بالإفراد، ومرة في العموم، ووسّط صالح المؤمنين بين جبريل، والملائكة تشريفا لهم، واعتناء بشأنهم، وإشادة بفضل الصلاح، وختم الآية بذكر الملائكة الأبرار، أعظم المخلوقات، وجعلهم ظهراء للنبي صلّى الله عليه وسلّم ليكون ذلك أفخم به صلوات الله وسلامه عليه؛ إذ الملائكة بمثابة جيش جرار، يملأ القفار، نصرة للنبي المختار، صاحب الأنوار صلّى الله عليه وسلّم، فمن ذا الذي يستطيع أن يناوئ سيد الخلق، وحبيب الحق بعد ذلك؟! هذا؛ ويستدل بهذه الآية على عظم كيد النساء، كما قال تعالى في سورة (يوسف) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام حكاية عن قول العزيز:{إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} رقم [٢٨]، بينما وصف الله عز وجل كيد الشيطان بالضعف، وذلك بقوله جلت قدرته، وتعالت حكمته في سورة (النساء) رقم [٧٦]: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً}. ولا تنس: أن الكلام في الآية مسوق للمبالغة، وإلا؛ فكفى بالله وليا، وكفى بالله نصيرا.
هذا؛ والمراد ب:(صالح المؤمنين) أبو بكر، وعمر-رضي الله عنهما-؛ لأنهما أبوا عائشة وحفصة، وقد كانا عونا للنبي صلّى الله عليه وسلّم عليهما، وقيل:(صالح المؤمنين): علي-رضي الله عنه-.
وقيل: خيار المؤمنين، و (صالح) اسم جنس لا جمع، ولذلك يكتب من غير واو بعد الحاء كما هو في رسم مصحف الإمام، وجوزوا أن يكون جمعا بالواو والنون، وحذفت النون للإضافة، وكتب دون واو اعتبارا بلفظه؛ لأن الواو ساقطة لالتقاء الساكنين، نحو:{وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ} رقم [٢٤] من سورة (الشورى)، وقوله تعالى:{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدّاعِ..}. إلخ من سورة (القمر) رقم [٦]، وقوله تعالى في سورة (العلق){سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ،} وانظر ما ذكرته في «الصلاح» في سورة (النمل) رقم [١٩]، وفي سورة (الصافات) رقم [١١٢]، وفي سورة (المنافقون) رقم [١٠].
هذا؛ و {ظَهِيرٌ} فعيل يستوي فيه المفرد، والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث، فهو هنا بمعنى ظهراء، كقوله تعالى:{وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} رقم [٦٩] من سورة (النساء). هذا؛ والمفسرون يذكرون: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم هجر أزواجه شهرا، وأشيع: أنه طلق أزواجه. ويذكرون: أن