للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما نحل والد والدا من نحل أفضل من أدب حسن». رواه الترمذي أيضا، وروى ابن ماجه عن ابن عباس-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم».

وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده-رضي الله عنه-عن النبي: «مروا أبناءكم بالصّلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرّقوا بينهم في المضاجع». خرجه جماعة من أهل الحديث.

وخذ قول الشاعر الحكيم: [البسيط]

عوّد بنيك على الآداب في الصّغر... كيما تقرّ بهم عيناك في الكبر

فإنّما مثل الآداب تجمعها... في عنفوان الصّبا كالنقش في الحجر

هذا؛ و {قُوا} أمر من الوقاية، فوزنه: «عوا»؛ لأن الفاء حذفت لوقوعها في المضارع بين ياء وكسرة، وكذلك حذفت لامه لبناء الأمر من المعتل الآخر، فبقي الأمر حرفا واحدا، وهو (ق). وهذا يجري في كل فعل لفيف مفروق، مثل: وعى، يعي، ع، ووفى، يفي، ف، وولي، يلي، ل، ووطي، يطي، ط، لذا فالأحسن إلحاق هاء السكت لفعل الأمر المأخوذ من اللفيف المفروق، حتى لا يبقى الفعل حرفا واحدا، فيقال: قه، وعه، وفه... إلخ.

{وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ:} بفتح الواو، أي: ما توقد به النار، وأما بضمها؛ فهو المصدر، وكذلك الاسم منه، وبعضهم قال: كلّ من الفتح والضم يجري في الآلة، والمصدر، وكذا يقال في الوضوء، والسحور، والطهور، ونحو ذلك، ولكن المشهور الأول، والمراد في الآلة: ما توقد به، والمراد بالمصدر: الفعل، والحدث، ويقرأ بفتح الواو، وضمها، والمراد بالحجارة:

الأصنام التي عبدوها في الدنيا، وأملوا نفعها، وشفاعتها. قال تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٩٨] مخاطبا الكافرين في الدنيا: {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ} وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-أنها حجارة الكبريت، فهي أشد توقدا، وأبطأ خمودا، وأنتن ريحا، وألصق بالبدن، والحجارة جمع: حجر، كجمالة جمع: جمل، وهو قليل غير منقاس.

{عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ:} المراد بهم: خزنة جهنم، وهم الزبانية، حبّب إليهم عذاب الخلق، كما حبّب لبني آدم أكل الطعام، والشراب، يدفع الواحد منهم بالدفعة الواحدة سبعين ألفا في النار، لم يخلق الله الرحمة فيهم. {لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ} أي: لا يخالفونه في أمره، ولا في نهيه. {وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} أي: في وقته، فلا يؤخرونه ولا يقدمونه، فلا تأخذهم رأفة في تنفيذ أوامره، والانتقام من أعدائه. وقيل: لذتهم في امتثال أمر الله، كما أنّ سرور أهل الجنة في أن يكونوا في الجنة. وخذ ما يلي:

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية: {وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ} فقال: «أوقد عليها ألف عام؛ حتى احمرّت، وألف عام؛ حتّى ابيضّت، وألف عام؛

<<  <  ج: ص:  >  >>