للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهم رسل، وأنبياء يبلغونهم أوامر الله، ونواهيه، كما قال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١٣٠]: {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا} انظر شرحها في محلها، فقوله تعالى: (منكم) يدل على أن هناك رسلا من الإنس، ورسلا من الجن. وبه قال الضحاك، ومقاتل. وأما رسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ فهي عامة لجميع الخلق: إنسهم، وجنهم، كما قال تعالى في الآية رقم [١] من سورة (الفرقان): {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً} ومثلها كثير.

والجن مخلوقون قبل الإنس، يدل لذلك قوله تعالى في سورة (الحجر): {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ} انظر شرح الآيتين هناك، والجن يرون البشر، ولا يرونهم يدل لذلك قوله تعالى في سورة (الأعراف) رقم [٢٧]: {إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ}. ثم إن الملائكة يختلفون عن الجن في أن لهم قدرة عجيبة خارقة، فهم يستطيعون أن يقتلعوا الجبال، ويغوصوا البحار، ويقلبوا الأرض بأهلها، كما فعل الملائكة بقوم لوط، وكما اقتلع جبريل عليه السّلام جبل الطور، ورفعه فوق بني إسرائيل، كما قال تعالى في سورة (الأعراف) رقم [١٧١]: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ}.

وللملائكة أجنحة، فمنهم من له جناحان، ومن له ثلاثة، أو أربعة، أو أكثر. انظر الآية رقم [١] من سورة (فاطر) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. هذا؛ والشياطين فرقة من الجن، وهم المردة العصاة، ورئيسهم إبليس اللعين عليه لعنة الله، فكل متمرد من الجن يسمى: شيطانا، كما أن كل عاص من الإنس يسمى فاسقا، وكل جاحد يسمى كافرا، فكل شيطان جني، وليس كل جني شيطانا، والله الموفق والمعين. انتهى. كله من كتاب «النبوة والأنبياء» للصابوني بتصرف كبير. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

انتهت سورة (الجن) شرحا وإعرابا بتوفيق الله، وفضله.

والحمد لله رب العالمين

<<  <  ج: ص:  >  >>