للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): ناهية جازمة. {تَكْتُمُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍ ({لا}) وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {الشَّهادَةَ:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، {وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. ({مَنْ}): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَكْتُمْها:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى ({مَنْ})، والهاء مفعول به. {فَإِنَّهُ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنه): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {آثِمٌ:} خبر (إنّ). {قَلْبُهُ:} فاعل ب‍ {آثِمٌ} والهاء في محل جر بالإضافة، وجوز اعتبار {آثِمٌ} خبرا مقدما، و {قَلْبُهُ:} مبتدأ مؤخرا، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (إنّ). هذا؛ وجوز اعتبار {آثِمٌ} مبتدأ، و {قَلْبُهُ} فاعلا سادا مسد خبره، ويحصل جملة في محل رفع خبر (إنّ)، كما جوز اعتبار {قَلْبُهُ} بدلا من {آثِمٌ،} بدل البعض من الكل، أو بدلا من الضمير المستتر في {آثِمٌ،} وهذان ضعيفان. هذا؛ وقرئ بنصب: («قلبه») على أنّه مفعول ب‍ {آثِمٌ} وقال ابن هشام في المغني: والصّواب: أنه مشبه بالمفعول به لحسن وجهه أو بدل من اسم (إنّ) وعلى جميع الوجوه فجملة: (إنه...) إلخ في محل جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: جملة الشرط، وقيل: جملة الجواب، وقيل: الجملتان، وهو المرجّح عند المعاصرين، والجملة الاسمية: {وَمَنْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، و {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ:} انظر إعراب مثلها في الآية رقم [٢٧١].

خاتمة: قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: لمّا أمر الله تعالى بالكتب والإشهاد، وأخذ الرّهان؛ كان ذلك نصّا قاطعا على مراعاة حفظ الأموال، وتنميتها، وردّا على الجهلة المتصوفة، ورعاعها الّذين لا يرون ذلك، فيخرجون عن جميع أموالهم، ولا يتركون كفاية لأنفسهم، وعيالهم، ثمّ إذا احتاج، وافتقر عياله؛ فهو إما أن يتعرّض لمنن الإخوان، أو لصدقاتهم، أو أن يأخذ من أرباب الدّنيا، وظلمتهم، وهذا الفعل مذموم منهيّ عنه، قال أبو الفرج الجوزي: ولست أعجب من المتزهدين الّذين فعلوا هذا مع قلّة علمهم، إنما أتعجب من أقوام لهم علم، وعقل: كيف حثّوا على هذا، وأمروا به مع مضادّته للشّرع، والعقل، وممّا يدل على حفظ الأموال ومراعاتها إباحة القتال دونها وعليها، قال صلّى الله عليه وسلّم: «من قتل دون ماله فهو شهيد... إلخ» الحديث بطوله أخرجه أبو داود، وغيره عن سعيد بن زيد-رضي الله عنه-.

أقول: وليت متصوفة هذه الأيام يفعلون ما فعل أولئك، ولكنّهم بالعكس؛ انكبّوا على الدنيا، وأخذوا يسلبون، وينهبون، ويجرون في ركاب الظّالمين. ويتكلّمون باسم الدّين الحنيف، يحسّنون القبيح، ويقبّحون الحسن. واتخذوا اللّحى، والعمائم مصيدة للدّنيا، إلا من رحم ربّك، وحفظه وتولاه، ولا حول، ولا قوة إلا بالله!.

<<  <  ج: ص:  >  >>