للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَوْلى فقال أبو جهل الخبيث: أتهددني؟ فو الله إني لأعز أهل الوادي وأكرمه، ونزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما قال لأبي جهل. قال الشاعر: [الوافر]

فأولى ثمّ أولى ثمّ أولى... وهل للدرّ يحلب من مردّ

وقيل: معناه: الويل لك، ومنه قول الخنساء-رضي الله عنها-: [المتقارب]

هممت بنفسي كلّ الهموم... فأولى لنفسي أولى لها

سأحمل نفسي على آلة... فإمّا عليها وإمّا لها

والمعنى للآية الكريمة: الويل لك حيا، والويل لك ميتا، والويل لك يوم البعث، والويل لك يوم تدخل النار. وقال الأصمعي-رحمه الله تعالى-: أولى في كلام العرب معناه: مقاربة الهلاك، كأنه يقول: قد وليت الهلاك، قد دانيت الهلاك. وأصله من الولي، وهو القرب. قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ} أي: يقربون منكم، وقد استحسن ثعلب، والنحاس ما قاله الأصمعي، وأنشد الأصمعي قول الشاعر: [الوافر]

فعادى بين هاديتين منها... وأولى أن يزيد على الثّلاث

هذا؛ وانظر الشاهد رقم [٦٩٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» وما يتعلق به.

الإعراب: {فَلا:} الفاء: حرف عطف. (لا): نافية. {صَدَّقَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى أبي جهل، أو إلى الإنسان، وهو أولى. انظر الشرح، والمتعلق محذوف. انظر تقديره في الشرح.

والجملة الفعلية معطوفة على قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ..}. إلخ. {وَلا:} الواو:

حرف عطف. (لا): نافية. {صَلّى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل تقديره: «هو»، والمتعلق محذوف أيضا، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {وَلكِنْ:} الواو:

حرف عطف. (لكن): حرف استدراك مهمل لا عمل له. {كَذَّبَ:} فعل ماض، والفاعل: «هو».

(تولى): فعل ماض، والفاعل: «هو»، ومتعلق الفعلين محذوف. {ثُمَّ:} حرف عطف. {ذَهَبَ:}

فعل ماض، والفاعل تقديره: «هو». {إِلى أَهْلِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {يَتَمَطّى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل تقديره: «هو»، والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل {ذَهَبَ} المستتر، والرابط: الضمير فقط. {أَوْلى:} فعل ماض، أو اسم فعل ماض. قاله الأصمعي، والمبرد، معناه: قربه ما يهلكه، وفاعله مضمر يدل عليه السياق، كأنه قيل: أولى هو، وقد ارتضى هذا الرأي: ثعلب، فقال: لم يقل أحد في {أَوْلى} أحسن مما قاله الأصمعي، والأكثرون: أنه اسم، وعليه في إعرابه أوجه:

أحدها: أنه مبتدأ، خبره الجار، والمجرور، التقدير: فالهلاك لك. والثاني: خبر مبتدأ مضمر، تقديره: العقاب، أو الهلاك أولى لك. والثالث: أنه مبتدأ، و {لَكَ} متعلقان به، والخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>