للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ والحين: الوقت قليلا كان، أو كثيرا، والمدة من الزمن قصيرة كانت، أو طويلة، وجمعه: أحيان، وجمع الجمع: أحايين. هذا؛ والحين بفتح الحاء: الهلاك، والموت. هذا؛ وقال قتادة، والزجاج في قوله تعالى في آخر سورة (ص): {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ:} بعد الموت. وقال ابن عباس، وعكرمة، وابن زيد-رضي الله عنهم أجمعين-: يعني: يوم القيامة.

وكان الحسن البصري-رحمه الله تعالى-يقول: يابن آدم! عند الموت يأتيك الخبر اليقين.

وسئل عكرمة عمن حلف ليصنعن كذا إلى حين. قال: إن من الحين ما لا تدركه، كقوله تعالى في سورة (ص): {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ،} ومنه ما تدركه، كقوله تعالى في سورة (إبراهيم) رقم [٢٥]: {تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها} من صرام النخل إلى طلوعه ستة أشهر.

{عَلَى الْإِنْسانِ} أي: آدم، على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. {حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ:} يعني مدة أربعين سنة، وهو طين ملقى، فعن أنس-رضي الله عنه-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لما صوّر الله آدم في الجنة، تركه الله ما شاء أن يتركه، فجعل إبليس يطوف به، وينظر إليه، فلما رآه أجوف؛ عرف أنه خلق لا يتمالك». رواه مسلم، وروي في تفسير الآية: أن آدم عليه السّلام بقي أربعين سنة طينا، وأربعين سنة حمأ مسنونا، وأربعين سنة صلصالا كالفخار، فتم خلقه بعد مئة وعشرين سنة، ثم نفخ فيه الروح.

{لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} أي: لا يذكر، ولا يعرف، ولا يدرى ما اسمه، ولا ما يراد به؟ وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح كان شيئا، ولم يكن شيئا يذكر. روي عن عمر: أنه سمع رجلا يقرأ هذه الآية: {لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} فقال عمر-رضي الله عنه-: ليتها تمّت، يعني ليته بقي على ما كان عليه؛ أي: لا يذكر أبدا، فلا يلد، ولا يبتلى بأولاده، ويروى مثله عن أبي بكر، وابن مسعود-رضي الله عنهم أجمعين-. ثم لما عرف الله الملائكة: أنه جعل آدم خليفة في الأرض، وذلك بقوله تعالى:

{وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} الآية رقم [٣٠] من سورة (البقرة)، وحمّله الأمانة التي عجزت السموات، والأرض، والجبال عنها، وذلك بقوله تعالى: {إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها..}. إلخ. الآية رقم [٧٢] من سورة (الأحزاب)، ظهر فضله على الكل، فصار مذكورا؛ وإن كان مذكورا لله. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {هَلْ:} حرف استفهام. ويقال: للتشويق. وانظر الشرح. {أَتى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر. {عَلَى الْإِنْسانِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما.

{حِينٌ:} فاعل {أَتى،} والجملة الفعلية ابتدائية، لا محل لها من الإعراب. {مِنَ الدَّهْرِ:}

متعلقان بمحذوف صفة {حِينٌ}. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَكُنْ:} فعل مضارع ناقص مجزوم ب‍: {لَمْ،} واسمه ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى الإنسان. {شَيْئاً:} خبر {يَكُنْ}. {مَذْكُوراً:} صفة {شَيْئاً،} والجملة الفعلية في محل نصب حال من {الْإِنْسانِ،} أو هي في محل رفع صفة {حِينٌ،} أو هي في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم، والرابط على

<<  <  ج: ص:  >  >>