للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخرى تحيي كل شيء بإذن الله عز وجل. هذا؛ وخذ قوله تعالى في سورة (الزمر) رقم [٦٨]:

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} انظر شرحها هناك.

وعن أبي بن كعب-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا ذهب ربع الليل؛ قام، ثم قال:

«يا أيها الناس! اذكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرّادفة، جاء الموت بما فيه». رواه البغوي بسند الثعلبي، وزاد ابن كثير، فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت إن جعلت صلاتي كلّها عليك؟ قال: «إذا يكفيك الله ما أهمّك من دنياك وآخرتك». ثم قال: رواه أحمد، والترمذي. ولفظ الترمذي: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا ذهب ثلثا الليل؛ قام، فقال: «يا أيّها النّاس! اذكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه». انتهى. {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ:} خائفة، وجلة.

يقال: وجف القلب، يجف وجيفا: إذا خفق. كما يقال: وجب، يجب وجيبا، ومنه: وجيف الفرس، والناقة في العدو. والإيجاف: حمل الدابة على السير السريع. قال الشاعر: [الرجز]

بدّلن بعد جرّة صريفا... وبعد طول النّفس الوجيفا

ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في الإفاضة من عرفات: «ليس البرّ بإيجاف الخيل، ولا إيضاع الإبل على هينتكم!». يقال: وجف الفرس: إذا أسرع، وأوجفته أنا؛ أي: حركته، وأتعبته، ومنه قول تميم بن مقبل: [الطويل]

مذاويد بالبيض الحديث صقالها... عن الرّكب أحيانا إذا الرّكب أوجفوا

وخذ قوله تعالى في سورة (الحشر) رقم [٦]: {وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ..}. إلخ.

{أَبْصارُها خاشِعَةٌ:} منكسرة، ذليلة من هول ما ترى. والمراد: أبصار أصحاب القلوب، فهو على حذف المضاف. وهذا كثير مستعمل في الآيات القرآنية، وفي الكلام العربي: نثره، ونظمه. ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (القلم) رقم [٤٣]: {خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}.

{يَقُولُونَ} أي: الكافرون المكذبون المنكرون للبعث، إذا قيل لهم: إنكم تبعثون؛ قالوا منكرين متعجبين: {أَإِنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ} أي: أنرد بعد موتنا إلى أول الأمر، فنعود أحياء كما كنا قبل الموت؟! وهذا الإنكار منهم كثير. يقال: رجع فلان في حافرته، وعلى حافرته؛ أي: رجع من حيث جاء. قاله قتادة. وأنشد ابن الأعرابي: [الوافر]

أحافرة على صلع وشيب... معاذ الله من سفه وعار

يقول الشاعر: أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل، والصبا بعد أن شبت، وصلعت؟! وقيل: الحافرة: الأرض التي تحفر فيها قبورهم، فهي بمعنى: محفورة. وقيل:

الحافرة: العاجلة؛ أي: أئنا لمردودون إلى الدنيا، فنصير أحياء كما كنا؟ قال الشاعر: [السريع]

<<  <  ج: ص:  >  >>