للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما هي إلاّ جيفة مستحيلة... عليها كلاب همّهنّ اجتذابها

فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها... وإن تجتذبها نازعتك كلابها

الإعراب: {فَأَمّا:} الفاء: حرف استئناف. (أما): أداة شرط، وتفصيل، وتوكيد، أما كونها أداة شرط؛ فلأنها تقوم مقام أداة الشرط، وفعله بدليل لزوم الفاء بعدها؛ إذ الأصل مهما يك من شيء فمن طغى... إلخ، فأنيبت (أما) مناب «مهما» و «يك من شيء»، فصار (أمّا من طغى... فإنّ الجحيم...) إلخ وأما كونها أداة تفصيل؛ فلأنها في الغالب تكون مسبوقة بكلام مجمل، وهي تفصله، ويعلم ذلك من تتبع مواقعها. وأما كونها أداة توكيد؛ فلأنها تحقق الجواب، وتفيد: أنه واقع لا محالة؛ لكونها علقته على أمر متيقن.

{مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {طَغى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {مَنْ،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. (آثر): فعل ماض، والفاعل يعود إلى {مَنْ} أيضا. {الْحَياةَ:} مفعول به. {الدُّنْيا:} صفة {الْحَياةَ} منصوب مثله، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {فَإِنَّ:} الفاء: واقعة في جواب (أما). (إنّ):

حرف مشبه بالفعل. {الْجَحِيمَ:} اسم (إنّ). {هِيَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الْمَأْوى:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ. هذا؛ وإن اعتبرت الضمير فصلا؛ فالمأوى يكون خبر (إنّ)، وعلى الوجهين فالجملة الاسمية: (إن الجحيم هي المأوى) في محل رفع خبر المبتدأ؛ الذي هو (من)، والجملة الاسمية: (أما من...) إلخ مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وقال الجلال، والزمخشري، وتبعه النسفي: إن الجملة الاسمية جواب قوله تعالى: {فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى} على حد قول القائل: إذا جاء بنو تميم؛ فأما العاصي فأهنه، وأما الطائع؛ فأكرمه.

وفي هذا نوع تساهل؛ لأن قوله تعالى: {فَأَمّا مَنْ طَغى..}. إلخ. بيان لحال الناس في الدنيا، وقوله تعالى: {فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى} بيان لحالهم في الآخرة، فالأولى ما سلكه غيرهم من أن الجواب محذوف يدل عليه التفصيل المذكور: فقدّره بعضهم: دخل أهل النار النار، وأهل الجنة الجنة، وقدره بعضهم بقوله: كان من عظائم الشؤون ما لم تشاهده العيون. انتهى. جمل بتصرف. وإعراب: {وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ..}. إلخ، مثل سابقه، لا خفاء فيه إن شاء الله تعالى.

هذا؛ و «الهوى» يقصر، ويمد، والمراد بالأول: الحب، والعشق، والغرام، وهو أيضا محبة الإنسان للشيء، وغلبته على قلبه، وعقله. قال تعالى في سورة (الفرقان) رقم [٤٣]: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} ومثلها في الآية رقم [٢٣] من سورة (الجاثية). وقد نهى الله عنه في سورة (النساء) رقم [١٣٥] بقوله: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى} ومدح من يخالفه بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>