المشرك للمسلمة غير ممنوع في صدر الإسلام، ثم حرمه الله تعالى بقوله:{وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا} الآية رقم [٢٢٠]: من سورة (البقرة)، وبقوله تعالى في صلح الحديبية:{فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} الآية رقم [١٠]: من سورة (الممتحنة)، فلمّا نزلت سورة:(المسد)، قال عتيبة لعنه الله، وقد أراد الذهاب إلى الشام: لآتين محمدا، فلأوذينه في ربه، فأتاه، فقال: يا محمد! هو كافر بالنجم. وفي رواية: برب النجم إذا هوى، وبالذي دنا، فتدلى، ثم بصق في وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم، ورد عليه ابنته، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«اللهم ابعث عليه كلبا من كلابك». وكان أبو طالب حاضرا، فوجم لها أبو طالب. وقال:«ما أغناك يا بن أخي عن هذه الدعوة؟» فرجع عتيبة إلى أبيه، فأخبره بذلك، ثم خرج إلى الشام في جماعة، فنزلوا منزلا، فأشرف عليهم راهب من دير، فقال لهم: إن هذه الأرض مسبعة، فقال أبو لهب لأصحابه: إنكم قد عرفتم نسبي، وحقي، فقالوا: أجل يا أبا لهب! فقال: أعينونا يا معشر قريش هذه الليلة، فإني أخاف على ابني دعوة محمد، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة، ثم افرشوا لابني عليه، ثم افرشوا لكم حوله، ففعلوا، ثم جمعوا جمالهم، وأناخوها، وأحدقوا بعتيبة، فجاء الأسد يتشمم وجوههم حتى ضرب عتيبة، فقتله، وفي رواية فضخ رأسه، فقال وهو بآخر رمق: ألم أقل لكم: إن محمدا أصدق الناس لهجة! ومات؟ فقال أبوه: قد عرفت والله ما كان يتفلت من دعوة محمد صلّى الله عليه وسلّم. انتهى. زيني دحلان.
{مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} أي: من أي شيء خلق الله هذا الكافر، فهو يتكبر، ويتعاظم بنفسه؟! وهو استفهام معناه التقرير، والتحقير لأصله. ثم بين الله ذلك بقوله:{مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} يعني: خلقه أطوارا، نطفة، ثم علقة، ثم مضغة إلى آخر خلقه. وقيل:(قدره) يعني: خلق رأسه، وعينيه، ويديه، ورجليه على قدر ما أراده، وحسنا، ودميما، وقصيرا، وطويلا، وشقيا، وسعيدا، وسواه إنسانا كاملا، كما قال تعالى في سورة (الكهف) حكاية عن قول الصاحب المؤمن لقول صاحبه الكافر الجاحد نعمة الله عليه: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً} رقم [٣٧]: من سورة (الكهف). قال الأحنف بن قيس-رحمه الله تعالى-: عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر؟! وينسب هذا القول إلى الحسن البصري أيضا.
ونظر المطرف بن عبد الله إلى المهلب بن أبي صفرة، وعليه حلة يسحبها، ويمشي الخيلاء؛ فقال له: يا أبا عبد الله! ما هذه المشية التي يبغضها الله، ورسوله؟! فقال له: أما تعرف من أنا؟ قال له: بلى أعرفك، أوّلك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وحشوك فيما بين ذلك بول وعذرة.
{ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يسره للخروج من بطن أمه. هذا؛ وثبت: أن رأس المولود في بطن أمه من فوق، ورجليه من تحت. فهو في بطن أمه على الانتصاب فإذا جاء وقت خروجه؛ انقلب بإلهام من الله تعالى. انتهى. الفخر الرازي. وقال