للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقبح، والذكورة، والأنوثة، وفي هذه دلالة على قدرة الصانع المختار القادر المقتدر، وذلك:

أنه لما اختلفت الهيئات، والصفات؛ دل ذلك على كمال القدرة، واتساع الصنعة، وأنّ المدبر المختار هو الله تعالى.

هذا؛ ويستدل بهذه الآية من يقول بتناسخ الأرواح، فهم يقولون: إن الإنسان إذا مات، وخرجت روحه من بين جنبيه؛ تحل بجسد آخر، فإن كانت صالحة طاهرة، عمل صاحبها الطاعات؛ تحلّ بجسد إنسان عاقل كريم، وإن كانت خبيثة، عمل صاحبها المعاصي، والإضرار للناس، والإفساد في الأرض؛ تحل بجسد حيوان، أو وحش، أو هوام... إلخ، وحلولها في الجسد الخبيث عقوبة لها، حتى إذا طهرت، وتهذبت يموت الجسد الخبيث، ثم تعود فتحل بجسد إنسان آخر عاقل كريم، وهذا التناسخ يقوله الهندوس في الهند، ويوجد في البلاد العربية من يقول به. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦١] من سورة (الواقعة).

تنبيه: تلا النبي صلّى الله عليه وسلّم قوله تعالى: {ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}. فقال: «غره جهله». وقال عمر -رضي الله عنه-: غره حمقه، وجهله. وقال الحسن البصري-رحمه الله تعالى-: غره والله شيطانه الخبيث! أي: زين له المعاصي. وقال له: افعل ما شئت، فربك الكريم الذي تفضل عليك بما تفضل به أولا، وهو متفضل عليك آخرا؛ حتى ورطه، وأوقعه في المعاصي. هذا؛ ولا تنس: أن الشيطان اللعين يتبرأ من الذي أغواه، انظر الآية رقم [٢٢] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{كَلاّ:} ردع عن الاغترار بكرم الله، وعن الغفلة عن طاعته، وعبادته. {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ:}

الخطاب لأهل مكة ومن على شاكلتهم من الملاحدة في هذا الزمن؛ الذين ينكرون الصلاة، وغيرها من العبادات المعلومة من الدين بالضرورة. وهو إضراب انتقالي إلى بيان ما هو السبب الأصلي في اغترارهم.

الإعراب: {يا أَيُّهَا:} (يا): أداة نداء تنوب مناب: أدعو، أو أنادي. (أيها): منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بأداة النداء، و (ها): حرف تنبيه لا محل له، أقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يجوز اعتبار الهاء ضميرا في محل جر بالإضافة؛ لأنه يجب حينئذ نصب المنادى. {الْإِنْسانُ:} بدل من (أيّ) أو عطف بيان عليه، والجملة الندائية مبتدأة، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين. {ما:} اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {غَرَّكَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {ما،} والكاف مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر {ما،} والجملة الاسمية لا محل لها مثل الجملة الندائية قبلها.

{بِرَبِّكَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {الْكَرِيمِ:} صفة (ربك). {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ثانية. {خَلَقَكَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {الَّذِي} وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>