للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفسدتهما، فأعتقهما. قال: فبكم؟ قالت: بكذا وكذا. قال: أخذتهما، وهما حرتان لوجه الله! ومر بجارية من بني المؤمل؛ وهي تعذب، فابتاعها، وأعتقها، فقال عمار بن ياسر-رضي الله عنهما-يذكر بلالا، وأصحابه، وما كانوا فيه من البلاء، وإعتاق أبي بكر إياهم-وكان اسم أبي بكر-رضي الله عنه-عتيقا-فقال في ذلك: [الطويل]

جزى الله خيرا عن بلال وصحبه... عتيقا وأخزى فاكها وأبا جهل

عشية همّا في بلال بسوءة... ولم يحذرا ما يحذر المرء ذو العقل

بتوحيده ربّ الأنام وقوله... شهدت بأن الله ربي على مهل

فإن تقتلوني فاقتلوني فلم أكن... لأشرك بالرحمن من خيفة القتل

فيا ربّ إبراهيم والعبد يونس... وموسى وعيسى نجّني، ثم لا تملي

لمن ظلّ يهوى الغيّ من آل غالب... على غير حقّ كان منه ولا عدل

قال سعيد بن المسيب-رضي الله عنه-: بلغني: أن أمية بن خلف قال لأبي بكر-رضي الله عنه-في بلال حين قال له: أتبيعه؟ قال: نعم أبيعه بنسطاس (عبد لأبي بكر)، وكان نسطاس صاحب عشرة آلاف دينار، وغلمان، وجوار، ومواش، وكان مشركا حمله أبو بكر-رضي الله عنه-على الإسلام على أن يكون ماله له، فأبى، فأبغضه أبو بكر، فلما قال أمية: أبيعه بغلامك نسطاس؛ اغتنمه أبو بكر، وباعه به، فقال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك ببلال إلا ليد كانت لبلال عنده! فأنزل الله عز وجل قوله: {وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى..}. إلخ انتهى. خازن.

قيل: إن أمية الخبيث قال: لو سألني أبو بكر بلالا بفلوس معدودة؛ لبعته إياه! فبلغ قوله أبا بكر-رضي الله عنه-، فقال: لو طلب مني أمية ما أملك ثمنا لبلال لأعطيته ما يريد.

تنبيه: قيل: كان لرجل من الأنصار نخلة، وفرعها في دار رجل فقير، وله عيال، فكان صاحب النخلة إذا صعد نخلته ليأخذ منها الثمر، فربما سقطت التمرة، فيأخذها صبيان الفقير، فينزل الرجل عن نخلته حتى يأخذ التمرة من أيديهم، وإن وجدها في فم أحدهم؛ أدخل إصبعه في فيه؛ حتى يخرجها. فشكا ذلك الرجل الفقير إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلقي النبي صلّى الله عليه وسلّم صاحب النخلة، فقال له: «تعطيني نخلتك التي فرعها في دار فلان، ولك بها نخلة في الجنة؟». فقال الرجل: إن لي نخلا كثيرا، وما فيه أعجب إليّ منها! وقيل في رواية: (لا أبيع عاجلا بآجل) فسمع أبو الدحداح (رجل من الأنصار) بذلك.

فقال لصاحب النخلة: هل لك أن تبيعها بحش، يعني: حائطا فيه نخل كثير. فقيل: هي لك! فأتى أبو الدحداح النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله! تشتريها مني بنخلة في الجنة؟ فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>