{عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} قيل: الإنسان هنا: آدم عليه السّلام، علمه الله أسماء كل شيء حسب ما نطق به القرآن في سورة (البقرة) رقم [٣١]: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها} فلم يبق شيء إلا وعلّم الله سبحانه آدم اسمه بكل لغة، وذكره آدم للملائكة كما علمه، وبذلك ظهر فضله، وعلا قدره، وثبتت نبوته، وقامت حجة الله على الملائكة، وامتثلت الملائكة الأمر لما رأت من شرف الحال، ورأت من جلال القدرة. انظر آية (البقرة) المذكورة. وقيل: المراد بالإنسان النبي صلّى الله عليه وسلّم، دليله قوله تعالى في سورة (النساء) رقم [١١٣]: {وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} وقيل: هو عام لجميع البشر لقوله تعالى في سورة (النحل) رقم [٧٨]: {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً} والله أعلم بمراده.
تنبيه: وإنا لنفخر نحن معاشر المسلمين بقرآننا الذي يحثنا على العلم، ويرغبنا فيه، ودليلنا هذه الآيات التي أنزلت على قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهي أول ما أنزل عليه، كيف لا؟ وقد أقسم الله ب:{ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ} بسورة (القلم) ونبينا الكريم صلّى الله عليه وسلّم الذي جاء بالهدى، والعلم، والنور، رغبنا في طلب العلم، وجعله جهادا أعظم الجهاد، وخذ ما يلي:
فعن أبي الدرداء-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع. وإن العالم ليستغفر له من في السموات، ومن في الأرض؛ حتى الحيتان في الماء.
وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء. وإنّ الأنبياء لم يورثوا دينارا، ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه فقد أخذ بحظّ وافر». رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي.
وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من جاءه أجله، وهو يطلب العلم لقي الله؛ ولم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوّة». رواه الطبراني في الأوسط.
وعن أبي أمامة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يجاء بالعالم والعابد، فيقال للعابد: ادخل الجنة، ويقال للعالم: قف حتى تشفع للنّاس». رواه الأصبهاني، وغيره.
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». رواه مسلم، وغيره. وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فضل العالم على العابد سبعون درجة، ما بين كلّ درجتين حضر الفرس سبعين عاما، وذلك؛ لأن الشيطان يبدع البدعة للناس، فيبصرها العالم فينهى عنها، والعابد مقبل على عبادة ربّه لا يتوجّه لها، ولا يعرفها». رواه الأصبهاني.
وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فقيه واحد أشدّ على الشيطان من ألف عابد». رواه الترمذي، وابن ماجه، والبيهقي.