والمجوس، وقوم حصّلوا الأصول دون الفروع. وهم المرجئة؛ الذين قالوا: لا يضر الذنب مع الإيمان. والله خطّأ الفريقين في هذه الآية، وبين أنه لا بدّ من الإخلاص في قوله:{مُخْلِصِينَ} ولا بدّ من العمل في قوله: {وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ} انتهى. كله من الجمل.
{وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ} أي: يؤدوها على الوجه الأكمل من إتمام ركوعها، وسجودها، وخشوعها، وطهارتها في أوقاتها. ومن لم يؤدها على الوجه الأكمل يقال: صلى، ولا يقال:
أدى الصلاة. {وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ} أي: يعطوها لمستحقيها كاملة في آخر حولها. {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} أي: الملة المستقيمة، والشريعة المتبوعة. والإشارة إلى الإخلاص، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. وإنما أضاف (الدين) إلى {الْقَيِّمَةِ،} وهي نعته لاختلاف اللفظين، وأنث {الْقَيِّمَةِ} ردا إلى الملة. وقيل: الهاء في {الْقَيِّمَةِ} للمبالغة كعلامة. وقيل:(القيمة): الكتب التي جرى ذكرها؛ أي: وذلك دين أصحاب الكتب القيمة. وقيل:{الْقَيِّمَةِ} جمع: القيم، والقيم والقائم:
واحد. قال تعالى في سورة (يوسف) رقم [٤٠]، وفي سورة (التوبة) رقم [٣٦] وفي سورة (الروم) رقم [٣٠]: {ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} ومعنى {الْقَيِّمُ} المستقيم الذي لا اعوجاج فيه. وانظر سورة (الكهف) رقم [٢] وانظر شرح {الصَّلاةَ} و {الزَّكاةَ} في الآية رقم [١٣] من سورة (المجادلة).
هذا؛ وأصل (يقيمون): «يؤقومون» حذفت الهمزة للتخفيف، حملا على المبدوء بهمزة المضارعة، مثل أأقوم الذي حذفت همزته الثانية للتخلص من ثقل الهمزتين، فصار:(يقومون) ثم يقال في إعلاله: اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علة متحرك، والحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، فنقلت حركة الواو، وهي الكسرة إلى القاف قبلها، فصار:
(يقومون) ثم قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وهذا الإعلال يجري في كل فعل ثلاثي، مزيدة الهمزة في أوله، مثل: أجاب يجيب، وأكرم يكرم... إلخ، كما حذفت الهمزة الثانية من يؤمنون؛ لأن ماضيه آمن، وأصله: أأمن والمضارع يؤأمن، فحذفت من الأول، وتسهل في الثاني، وقد يجيء على القياس، وهو الأصل المهجور، كما في الثاني، كما في قول أبي حيان الفقعسي:[الرجز]
فإنّه أهل لأن يؤكرما
ولا تنس: أن هذه الهمزة المزيدة، تحذف من اسمي الفاعل، والمفعول المأخوذين من الفعل الثلاثي المزيدة فيه الهمزة، وذلك مثل: مكرم، ومكرم، والقياس مؤكرم ومؤكرم، وقس على ذلك، وأصل (يؤتون): (يؤأتون)؛ لأن الماضي: آتى، فحذفت الهمزة لثقل الهمزتين، فصار:(يؤتون).
الإعراب:{وَما:} الواو: واو الحال. (ما): نافية. {أُمِرُوا:} فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦] من