للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معدودة مسجلة عليه. قال تعالى في سورة (الكهف) رقم [٥٠]: {وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}. وعن أنس-رضي الله عنه-قال: إنكم لتعملون أعمالا هي أدقّ في أعينكم من الشّعر، كنا نعدّها على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الموبقات. رواه البخاري، وغيره. وانظر ما ذكرته في سورة (النجم) رقم [٥٢ و ٥٣] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، ولا تنس المقابلة بين الآيتين الكريمتين، وهي من المحسنات البديعية.

هذا؛ و (الذرة) النملة الصغيرة. وقيل: ما يرى في شعاع الشمس الداخل إلى بيت مظلم من الهباء، وروي: أن صعصعة بن ناجية جد الفرزدق أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم يستقرئه، فقرأ عليه هذه الآية {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ..}. إلخ فقال صعصعة: حسبي حسبي إن عملت مثقال ذرة خيرا؛ رأيته، وإن عملت مثقال ذرة شرا؛ رأيته.

طرفة: يحكى: أن أعرابيا قرأ سورة (الزلزلة) فأخر {خَيْراً يَرَهُ} وقدم {شَرًّا يَرَهُ} فقيل له: قدمت، وأخرت، فقال: [الطويل]

خذا بطن هرشى أو قفاها فإنّه... كلا جانبي هرشى لهنّ طريق

هرشى: ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة يرى منها البحر، ولها طريقان. فكل من سلك واحدا منهما أفضى به إلى موضع واحد. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف، وتفريع، وتفصيل ل‍: (يروا). (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَعْمَلْ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من). {مِثْقالَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {ذَرَّةٍ} مضاف إليه. {خَيْراً:} تمييز؛ لأنه بعد الوزن منصوبا. وقيل: بدل من {مِثْقالَ}. {يَرَهُ:} مضارع جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل يعود إلى (من) أيضا، والهاء مفعول به. هذا؛ وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: جملة الشرط. وقيل: جملة الجواب. وقيل: الجملتان وهو المرجح لدى المعاصرين. والجملة الاسمية لا محل لها؛ لأنها مستأنفة، ومفرعة عما قبلها، تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم، وصلّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

انتهت سورة (الزلزلة) شرحا، وإعرابا.

والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>