يا سائلي عن رسول الله كيف سها؟ ... والسّهو من كلّ قلب غافل لاهي
قد غاب عن كلّ شيء سرّه فسها... عمّا سوى الله فالتعظيم لله
{الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ} أي: يتركون الصلاة في السر، ويفعلونها في الجهر، والفرق بين المنافق، والمرائي: أن المنافق هو الذي يبطن الكفر، ويعلن الإيمان، والمرائي يظهر الأعمال مع زيادة في الخشوع ليعتقد فيه من يراه: أنه من أهل الدين والصلاح، وأما من يظهر النوافل ليقتدى به، ويأمن على نفسه من الرياء؛ فلا بأس بذلك، وليس بمراء. هذا؛ والرياء يكون في الأقوال، والأفعال من صوم، وصلاة، وحج، وزكاة، وإنفاق المال، وفي الثياب القصار، والرثة؛ ليأخذ بذلك هيئة الزهد في الدنيا، وإظهار التقشف.
وقد حذرنا الرسول صلّى الله عليه وسلّم من ذلك، حيث قال:«يجاء بالدنيا يوم القيامة، فيقال: ميزوا ما كان منها لله عز وجل فيماز، ويرمى سائره في النار». رواه البيهقي عن عبادة بن الصامت-رضي الله عنه-. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من تزيّن بعمل الآخرة، وهو لا يريدها، ولا يطلبها؛ لعن في السموات، والأرض». رواه الطبراني في الأوسط.
وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يخرج في آخر الزّمان رجال يختلون الدنيا بالدّين، يلبسون للنّاس جلود الضّأن من اللّين، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم قلوب الذّئاب، يقول الله عز وجل: أبي يغترّون أم عليّ يجترئون؟ فبي حلفت: لأبعثنّ على أولئك منهم فتنة تدع الحليم حيران». رواه الترمذي، وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من تحبّب إلى الناس بما يحبون، وبارز الله بما يكرهون؛ لقي الله؛ وهو عليه غضبان». وقد ذكرت في آخر سورة (الكهف) وغيرها الكثير من ذلك، وبينت: أن الرياء شرك، ويجر إلى الشرك الحقيقي، والموت على غير الإيمان.
وعن محمود بن لبيد-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر». قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟! قال:«الرياء. يقول الله عز وجلّ إذا جزى النّاس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا؛ فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟!». رواه أحمد، والبيهقي، وغيرهما.
وعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يا أيّها النّاس اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيب النمل». فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه، وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟! قال:«قولوا: إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه». رواه أحمد، والطبراني، وغيرهما.
{وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ:} فيه أقوال كثيرة. روي عن علي-رضي الله عنه-: أنه قال: الزكاة وهو قول ابن عمر، والحسن، وقتادة، والضحاك. ووجه ذلك: أن الله تعالى ذكرها بعد