للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأنما نشط من عقال. انتهى. خازن. وفي فتح الباري: وكان من جملة السحر صورة من شمع على صورة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد جعلوا في تلك الصورة إبرا مغروزة ووترا فيه إحدى عشرة عقدة، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم كلما قرأ آية انحلت عقدة، وكلما نزع إبرة، وجد لها ألما في بدنه، ثم يجد بعدها راحة. انتهى. جمل.

هذا؛ وقال الراغب: تأثير السحر في النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن من حيث إنه نبي، وإنما كان في بدنه من حيث إنه إنسان، أو بشر، كما كان يأكل، ويتغوط، ويغضب، ويشتهي، ويمرض فتأثيره فيه من حيث هو بشر، لا من حيث هو نبي، وإنما يكون ذلك قادحا في النبوة لو وجد للسحر تأثير في أمر يرجع للنبوة، كما أنّ جرحه، وكسر ثنيته يوم أحد لم يقدح فيما ضمن الله له من عصمته في قوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [٦٧]: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ} وكما لا اعتداد بما يقع في الإسلام من غلبة بعض المشركين على بعض النواحي فيما ذكر من كمال الإسلام في قوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [٤]: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً}. انتهى. جمل.

أقول: والمحفوظ: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم دعا لبيدا، وسأله عن فعله السحر، فاعترف، واعتذر بأن اليهود رشوه بأموال كثيرة، فعفا عنه الرسول صلّى الله عليه وسلّم. وهذا كله يؤيد: أن السورتين الكريمتين نزلتا في المدينة المنورة. وخذ ما يلي:

فقد أخرج النسائي عن عقبة بن عامر-رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: «يا عقبة تعوّذ بهما، فما تعوذ متعوذ بمثلهما!» وكان صلّى الله عليه وسلّم يتعوذ ب‍ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ}. وفي صحيح البخاري، ومسلم عن عائشة-رضي الله عنها-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم، كان إذا اشتكى؛ قرأ على نفسه بالمعوذتين، وينفث، فلما اشتد وجعه؛ كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده رجاء بركتها.

وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-: أن جبريل-عليه السّلام-أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال:

«يا محمد! اشتكيت؟ قال: نعم. قال: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك». أخرجه مسلم.

تنبيه: قال الإمام المازري: مذهب أهل السنة، وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر، وأن له حقيقة، كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة خلافا لمن أنكر ذلك، ونفى حقيقته، وأضاف: ما يقع منه إلا خيالات باطلة، لا حقائق لها. وقد ذكره الله في كتابه، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما فيه إشارة إلى أنه مما يكفر به، وأنه يفرق بين المرء، وزوجه. قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٠٢]: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ}. وهذا كله لا يمكن أن يكون مما لا حقيقة له. والحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>