للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العظيم الجبار؛ انقادوا للإيمان، وصاروا من عباد الله الأبرار، وأما قوم عيسى؛ فقد برعوا في الطبّ، فجاءهم بما ذكر في هذه الآية من المعجزات. بما لا سبيل لأحد إليه؛ إلا أن يكون مؤيدا من ربّ الأرض، والسّماء، وأمّا قوم محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ فقد برعوا في الفصاحة، والبلاغة، ونظم الشعر، والسّجع، فأتاهم بكتاب من عند الله أخرسهم، وأسكتهم، وتحدّاهم بأن يأتوا بعشر سور، بل بسورة من مثله، فعجزوا، وأنّى يستطيعون، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا؟! والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَرَسُولاً:} معطوف على وجيها متضمنا معنى النّطق، فكأنّه قال: وناطقا بأنّي

إلخ، أو هو مفعول به ثان لفعل محذوف، التقدير: ويجعله رسولا، وتكون الجملة معطوفة على جملة: ({يُعَلِّمُهُ..}.) إلخ. {إِلى بَنِي:} جار ومجرور متعلقان ب‍ ({رَسُولاً}) أو بمحذوف صفة له، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و {بَنِي:} مضاف، و {إِسْرائِيلَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. {أَنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء التكلم اسمه. {قَدْ:}

حرف تحقيق يقرّب الماضي من الحال. {جِئْتُكُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر: (أنّ). {بِآيَةٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من تاء الفاعل، التقدير: جئتكم ملتبسا بآية. {مِنْ رَبِّكُمْ:} متعلقان بمحذوف صفة: (آية)، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف عند الخليل، التقدير: بكوني... إلخ، والجار والمجرور متعلّقان ب‍ ({رَسُولاً}) أو بمحذوف صفة له. وسيبويه يعتبره في محل نصب بنزع الخافض، وجوز أبو البقاء اعتباره في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هو أني، ووجوها أخر غير جديرة بالاعتبار، والمصدر المؤول من: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ} فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه في محل جر بدلا من (آية). والثاني: أنه في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير:

هي أني. والثالث: أنه بدل من {أَنِّي} الأولى. وهذا هو الأقوى. هذا؛ ويقرأ بكسر الهمزة، فتكون الجملة اسمية، وهي مبتدأة، أو مستأنفة، لا محل لها. {كَهَيْئَةِ:} الكاف: اسم بمعنى:

مثل، مبني على الفتح في محل نصب مفعول به للفعل {أَخْلُقُ} والكاف مضاف، و (هيئة) مضاف إليه. هذا؛ ووقوع الكاف اسما بمعنى: مثل كثير في القرآن الكريم ذكرته في محاله، وهو وارد في الشعر العربي بكثرة، خذ قول العجّاج-وهو الشاهد رقم [٣٢٦] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، والشاهد رقم [٤٦١] من كتابنا: «فتح رب البرية» -: [الرجز]

بيض ثلاث كنعاج جمّ... يضحكن عن كالبرد المنهمّ

{فَأَنْفُخُ:} الفاء: حرف عطف. (أنفخ): فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: أنا.

{فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {أَخْلُقُ..}.

<<  <  ج: ص:  >  >>