للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد ما بين قرن، فلمّا أسقط «بين» نصب. انتهى قرطبي. وعليه فالتقدير في الآية: «ما بين بعوضة» فحذفت «بين» وانتصب {بَعُوضَةً} مكانها، وذكرت لك في الشرح أن القرطبي قال:

والفاء بمعنى «إلى»، وهو في مغني اللبيب أيضا، وانظر الشواهد رقم [٢٩٣ و ٢٩٤ و ٢٩٥] من كتابنا فتح القريب المجيب إن كنت من أهل النّحو، والإعراب.

هذا وقرئ شاذّا: («بعوضة») بالرفع، قال أبو الفتح ابن جني: ووجه ذلك: أن {ما} اسم بمنزلة: «الذي» و («بعوضة») رفع على إضمار مبتدأ. التقدير: لا يستحيي أن يضرب الذي هو بعوضة مثلا، فحذف العائد على الموصول، وهو مبتدأ، ومثله قراءة بعضهم في قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم ١٥٤]: («ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن») أي: هو أحسن، وعليه ف‍ ({ما}) موصولة حذف صدر صلتها، أو هي موصوفة بالجملة كذلك، ومحلّها النصب بالبدلية من {مَثَلاً} على الوجهين، أو هي استفهامية على أنها مبتدأ و («بعوضة») خبرها، والمعنى: أي شيء البعوضة فما فوقها في الحقارة، وعليه فالجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها.

{فَما:} الفاء: حرف عطف. (ما): اسم موصول مبني على السكون، أو هي نكرة موصوفة معطوفة على {بَعُوضَةً}. {فَوْقَها} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة (ما) أو صفة لها. (أمّا) أداة شرط، وتفصيل، وتوكيد، أما كونها أداة شرط؛ لأنها قائمة مقام أداة الشرط وفعله بدليل لزوم الفاء بعدها؛ إذ الأصل: مهما يك من شيء؛ فالذين آمنوا فيعلمون... إلخ، فأنيبت (أمّا) مناب: مهما يك من شيء، فصار: (أما {الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ}). وأما كونها أداة تفصيل؛ لأنها في الغالب تكون مسبوقة بكلام مجمل، وهي تفصله، ويعلم ذلك من تتبع مواقعها. وأما كونها أداة توكيد؛ لأنها تحقق الجواب، وتفيد أنه واقع لا محالة لكونها علقته على أمر متيقن.

{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {آمَنُوا:} فعل وفاعل، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {فَيَعْلَمُونَ:} الفاء: واقعة في جواب (أما)، (يعلمون): فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله. {أَنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {الْحَقُّ:} خبره. {مِنْ رَبِّهِمْ:} متعلقان بمحذوف حال من {الْحَقُّ} التقدير:

ثابتا، أو كائنا، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، و (أن) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سدّ مسد مفعولي (يعلمون)، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، وهي في الوقت نفسه جواب (أمّا) والجملة الاسمية: ({أَمَّا الَّذِينَ..}.) إلخ، لا محل لها من الإعراب؛ لأنها مفرعة عما قبلها، وهي بمنزلة الاستئناف. {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ:} إعراب هذه الجملة كإعراب سابقتها، وهي معطوفة عليها لا محل لها مثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>