للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهمزتين، قلبت الثانية مدّا، مجانسا لحركة الأولى، كما قلبت في إيمان، فإنّ أصله ب‍: «إئمان» وكما قلبت في أومن، فإنّ أصله: «أؤمن»، {الْأَسْماءَ:} جمع: اسم، انظر اشتقاقه في البسملة.

هذا واختلف أهل التأويل في معنى الأسماء التي علمها الله لآدم عليه السّلام، فقال ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، ومجاهد، وابن جبير-رضي الله عنهم أجمعين-: علمه أسماء الأشياء كلها: جليلها، وحقيرها، لذا قيل: والمراد بالأسماء أسماء الأشياء، والأجناس التي خلقها، مثل: هذا فرس، وهذا بعير، وهذا باب، وهذا ثوب. وقيل: المراد بالأسماء:

اللغات، مثل العربية، والتركية، أقول: وكل ذلك صحيح، علّمه كل شيء حتى القصعة، والقصيعة، والمغرفة... إلخ، وبالجملة فقد علمه أسماء الأجناس، وعرّفه منافعها، هذا كذا، وهو يصلح لكذا، وعلمه جميع اللغات، ولقّنها بنيه؛ لكنهم تفرقوا، فحفظ بعضهم العربيّة ونسي غيرها، وبعضهم التركية ونسي غيرها... إلخ.

{ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ:} عرض الأسماء، ومعلوم: أنّ من الأسماء أسماء من يعقل، وأسماء من لا يعقل، فغلب العقلاء على غيرهم، وجمعهم هذا الجمع، هذا وقرئ: («عرضهنّ») و («عرضها») فيكون من تغليب غير العقلاء على العقلاء. {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي: إني لم أخلق خلقا إلا كنتم أفضل منه، وأعلم. {فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ} أي: أخبروني. هذا؛ والنبأ:

الخبر وزنا ومعنى، ويقال: النبأ أخصّ من الخبر؛ لأنّ النبأ لا يطلق إلا على كلّ ما له شأن وخطر من الأخبار، وقال الراغب: النبأ: خبر ذو فائدة، يحصل به علم، أو غلبة ظن، لا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمّن هذه الأشياء الثلاثة، وحقه أن يتعرّى عن الكذب، كالمتواتر، وخبر الله تعالى، وخبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم. هذا؛ وقد يجيء الفعل من نبأ غير مضمن معنى أعلم، فلذلك يعدى لواحد بنفسه، وللآخر بحرف الجر، وانظر الآية [٣] من سورة التحريم.

أما صفة خلق آدم عليه السّلام، فقد قال وهب بن منبه: لمّا أراد الله أن يخلق آدم؛ أوحى الله إلى الأرض: إني خالق منك خليقة، منهم من يطيعني، ومنهم من يعصيني، فمن أطاعني؛ أدخلته الجنة، ومن عصاني؛ أدخلته النار، قالت الأرض: أتخلق مني خلقا يكون للنار فيه نصيب؟ قال: نعم. فبكت الأرض، فانفجرت منها العيون إلى يوم القيامة، فبعث الله إليها جبريل عليه السّلام ليأتيه بقبضة منها، من أحمرها، وأسودها، وأبيضها، وطيّبها، وخبيثها، فلما أتاها ليقبض منها؛ قالت: أعوذ بعزة الله الذي أرسلك إليّ أن لا تأخذ مني شيئا يكون للنار فيه نصيب، فرجع جبريل عليه السّلام إلى ربّه، وقال: يا رب استعاذت بك منّي، فكرهت أن أقدم عليها. فقال الله لميكائيل عليه السّلام: انطلق، فائتني بقبضة من الأرض، فلما أتاها ليقبض منها؛ قالت له مثل ما قالت لجبريل، فرجع إلى ربه، فقال له ما قالت له، فقال لعزرائيل عليه السّلام: انطلق فائتني بقبضة من الأرض، فلما أتاها؛ قالت له الأرض: أعوذ بعزة الله الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>