للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتل، ومعنى الآية: إنّ الحذر لا ينفع مع القدر، والتدبير لا يقاوم التقدير، فالذين قدّر عليهم القتل، وقضاه الله، وحكم به عليهم لا بدّ وأن يقتلوا. والمعنى: لو جلستم في بيوتكم؛ لخرجتم منها، ولظهر الذين قضى الله عليهم بالقتل، وقضاه إلى حيث يقتلون فيه؛ لأن كلّ إنسان يموت في المكان الّذي قدّر الله فيه موته، وكذلك في الزّمان المحدّد فيه موته، كما قال تعالى: {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}.

{وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ:} وجرى ما جرى، وحصل ما حصل في غزوة أحد؛ ليختبر الله إيمان المؤمنين، ويظهر نفاق المنافقين، وليمحّص ما في قلوبكم: وليكشف الله ما في قلوبكم من الإيمان، أو من النفاق. وانظر الآية رقم [١٤١]. {وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ:} انظر الآية رقم [١١٩].

تنبيه وفائدة: روي: أنّ ملك الموت -عليه السّلام-حضر مجلس سليمان بن داود-على نبينا، وحبيبنا، وعليهما ألف صلاة، وألف سلام-فنظر إلى رجل من أهل المجلس نظرة هائلة، فلمّا قام؛ قال الرجل: يا نبيّ الله! من هذا؟ فقال سليمان: هذا ملك الموت. قال: أرسلني مع الرّيح إلى عالم آخر، فإنّي رأيت منه مرأى هائلا! فأمر سليمان الريح، فألقته في قطر سحيق-أي بعيد-من أقطار العالم، فما لبث أن عاد ملك الموت عليه السّلام إلى سليمان عليه السّلام، فقال: كنت أمرت بقبض روح ذلك الرّجل في هذه الساعة في أرض كذا، فلما رأيته في مجلسك؛ قلت: متى يصل هذا إليها، وقد أوصلته الريح إلى هناك، فقضي أمر الله في زمانه، ومكانه من غير إخلال بشيء من ذلك. انتهى جمل نقلا عن أبي السّعود. فعليه: من قدّر الله موته في مكان كذا يجعل الله له حاجة في ذلك المكان؛ حتّى يقع كما قدّر الله تعالى، وأراد.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {أَنْزَلَ:} فعل ماض، وفاعله يعود إلى: {اللهُ}. {عَلَيْكُمْ:}

جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مِنْ بَعْدِ} متعلقان بالفعل قبلهما، و {بَعْدِ} مضاف، و {الْغَمِّ} مضاف إليه. {أَمَنَةً:} مفعول به. {نُعاساً:} بدل من: {أَمَنَةً} بدل كلّ من كلّ. وقيل: بدل اشتمال. وقيل: {نُعاساً} مفعول به. {أَمَنَةً} حال منه متقدّمة، وساغ ذلك على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها؛ صار حالا». وقيل: {أَمَنَةً} حال من كاف الخطاب، بمعنى: ذوي أمنة.

وقيل: مفعول لأجله، وعليهما ف‍ {نُعاساً} مفعول به. {يَغْشى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الألف للتعذّر، والفاعل يعود إلى: {نُعاساً}. {طائِفَةً} مفعول به.

{مِنْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {طائِفَةً} وجملة: {يَغْشى..}. إلخ في محل نصب صفة: {نُعاساً} ويقرأ الفعل بتاء المضارعة، وعليه فالجملة الفعلية صفة: {أَمَنَةً}.

{وَطائِفَةٌ:} الواو: حرف استئناف. ({طائِفَةً}): مبتدأ، وصفتها محذوفة، ودلّ عليها ما قبلها. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَهَمَّتْهُمْ:} فعل ماض، والهاء مفعول

<<  <  ج: ص:  >  >>