{هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ} أي: المنافقون في يوم أحد. {أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ} أي: بينوا حالهم، وهتكوا أستارهم، وكشفوا عن كفرهم، ونفاقهم لمن كان يظنّ: أنهم مؤمنون، فصاروا أقرب إلى الكفر في ظاهر الحال، وإن كانوا كافرين على التّحقيق.
{يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} أي: يظهرون الإيمان بألسنتهم، ويضمرون الكفر في قلوبهم، وهذه صفة المنافقين، لا صفة المؤمنين. {وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ} أي: يخفون، ويضمرون من الكفر، والنفاق. وانظر شرح:{يَكْتُمُونَ} في الآية رقم [٧١]
هذا؛ و {يَوْمَئِذٍ} ظرف زمان مضاف لظرف آخر، والتنوين فيه ينوب عن جملة محذوفة، دلت عليها الغاية، فإنّ الأصل: يوم إذ جاءت قريش ورأوها. و (إذ) مضافة لهذه الجملة، فحذفت الجملة الفعلية، وعوّض عنها التنوين، وكسرت الذال لالتقاء الساكنين، كما كسرت في:
«صه، ومه» عند تنوينهما، ومثل ذلك قل في:«حينئذ، وساعتئذ» ونحو ذلك.
{وَلِيَعْلَمَ:} إعرابه مثل إعراب ما قبله، والجار والمجرور الناتجان منه معطوفان على مثلهما، والفاعل مستتر، تقديره: هو يعود إلى: {اللهِ} أيضا. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. {نافَقُوا:} فعل وفاعل، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. ({قِيلَ}): فعل ماض مبني للمجهول. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلّقان بما قبلهما. وقيل: هما في محل رفع نائب فاعله. وقيل: نائب الفاعل ضمير مستتر، تقديره: هو، يعود إلى مصدر الفعل. {تَعالَوْا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. وقيل: في محل رفع نائب فاعل: ({قِيلَ})، وهذا على قول من يجيز وقوع الجملة فاعلا، ومفعولا، ويكون جاريا على القاعدة في بناء الفعل للمجهول:«يحذف الفاعل، ويقام المفعول به مقامه». وهذا لا غبار عليه. قال ابن هشام-رحمه الله في المغني-: فليس هذا من باب الإسناد إلى الجملة؛ لما بيّنا؛ أي: من أنّ الجملة إذا قصد لفظها، يحكم لها بحكم المفردات، فيجوز حينئذ وقوعها مبتدأ، وفاعلا، أو نائبا عنه، ومثّل لذلك في شذور بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«أفضل ما قلت أنا والنّبيّون من قبلي: لا إله إلاّ الله» انظر الشاهد رقم [٧٩٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك.
{قاتِلُوا:} فعل أمر، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مثل سابقتها في المحل، وإنما لم يكن بحرف العطف؛ لأنّه أراد أن يكون كلّ من الجملتين مقصودة بنفسها. وقيل: الثانية في محل نصب حال، ولا وجه له؛ لأنّها إنشائية. {فِي سَبِيلِ:} متعلقان بما قبلهما، و {سَبِيلِ:}
مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه. {أَوِ:} حرف عطف. {اِدْفَعُوا:} فعل أمر، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، وجملة:({وَقِيلَ..}.) إلخ تحتمل العطف على جملة: {نافَقُوا} فتكون داخلة في حيز الموصول، وتحتمل الاستئناف.