للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يربّ ولده في غالب الأمر. {فِي حُجُورِكُمْ:} خرّج مخرج الغالب، وهو قيد غير لازم؛ لأنّ الرّبيب، والرّبيبة يحرمان، وإن لم يكونا في حجر أحد الزوجين.

هذا؛ و {حُجُورِكُمْ} جمع: حجر بفتح الحاء، وكسرها: مقدّم الثوب، والمراد لازم الكون في الحجور، وهو الكون في تربيتهم، وتحت عنايتهم. هذا؛ والحجر يطلق على أمور: حضن الإنسان، وهو ما بين يديه من ثوبه، يقال: نشا فلان في حجر فلان، أي في رعايته، وحفظه.

هذا؛ والحجر بفتح الحاء: المنع من التصرّفات الماليّة لسفه، وفلس، وغير ذلك، وأمّا الحجر بكسر الحاء، فيطلق على الفرس، وعلى العقل، وعلى حجر إسماعيل، وعلى حجر ثمود، وعلى الكذب، وعلى الحرام، كما في قوله تعالى في سورة (الفرقان): {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً} وقد نظمها بعضهم في قوله: [البسيط]

ركبت حجرا وطفت البيت خلف الحجر... وحزت حجرا عظيما في دخول الحجر

لله حجر منعني من دخول الحجر... ما قلت حجرا ولو أعطيت ملء الحجر

هذا؛ ويقرأ («اللائي») بالهمزة، كقوله تعالى في سورة الطّلاق: {وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ} وقال الشاعر: [الطويل]

من اللاء لم يحجبن يبغين حسبة... ولكن ليقتلن البرئ المغفّلا

هذا؛ و ({اللاّتِي}) و ({اللاّئِي}) جمعان ل‍ «الّتي» كما تجمع على: «اللواتي» ولم يوجد هذا الجمع في القرآن، كما تجمع على: «ذوات» قال ابن مالك-رحمه الله-في ألفيته: [الرجز]

باللاّت واللاّء الّتي قد جمعا... واللاّء كالّذين نزرا وقعا

{وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} يعني: أزواج أبنائكم. {وَحَلائِلُ} جمع:

حليلة، أو حليل، والمراد هنا الأوّل. وقيل في اشتقاقهما: إنّهما من الحلول، فسمّيا بذلك؛ لأنهما يحلان منزلا واحدا، وفراشا، فحليل على هذا القول: فعيل بمعنى: مفاعل، مثل شريب، وأكيل، ونديم، بمعنى مشارب، ومؤاكل، ومنادم. وقيل: بل هما مشتقّان من الحلّ؛ لأنّ كلاّ منهما يحلّ لصاحبه، فعلى هذا القول «فعيل» بمعنى: مفعل مثل: حكيم بمعنى محكم.

وقيل: بل هما مشتقّان من الحل، وهو على هذا القول «فعيل» بمعنى: فاعل، وسمّيا بذلك لأنّ كلاّ منهما يحل إزار صاحبه. وقيل: سمّيا بذلك؛ لأنّ كلاّ منهما يحل من الآخر محلاّ، لا يحلّه سواه، وهو قريب من الأوّل.

وقوله: {مِنْ أَصْلابِكُمْ} خرج الولد المتبنّى، فإنه يجوز له أن يتزوّج امرأة من تبنّاه؛ لأنه كان في الجاهلية، وصدر الإسلام الولد المتبنّى بمنزلة الابن. وقصّة زيد بن حارثة في سورة (الأحزاب) أكبر شاهد على ذلك، ومثل زوجة الابن من الصّلب في التحريم زوجة الابن من الرّضاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>