للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأة أشيم الضبابي من عقل زوجها-أي: ديته-و {يَصَّدَّقُوا} أصله: يتصدقوا، فقلبت التاء صادا، وأدغمت الصّاد في الصّاد.

هذا؛ وقد سمّى الله العفو عن الدّية، أو عن بعضها صدقة؛ حثّا عليه، وتنبيها على فضله.

هذا؛ والدّية: ما يجري عليها الاتفاق في العملة النّقدية المتداولة في كل قطر من أقطار الدّنيا، ولا يلتفت لمن يتبجّح، ويذكر أنّ الدية مائة جمل، فإنّه لا وجود لمائة جمل في هذه الأيام، ويضرب بفتواه عرض الحائط.

{فَإِنْ كانَ} أي: القتيل خطأ. {مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ..}. إلخ: وهم كفرة، والمقتول مؤمن؛ فيجب على القاتل إعتاق عبد مؤمن، وهذا يحصل ويكون بإسلام حربيّ في بلاده، ولم يهاجر إلينا. فقتله مسلم خطأ، أي: لا يعرف إيمانه، فيجب فيه الكفارة بقتله للعصمة المؤثّمة، وهي الإسلام، ولا تجب الدّية؛ لأنّ العصمة المقومة بدخول دار المسلمين، ولم توجد. وسقطت الدية لوجهين: أحدهما: أنّ أولياء القتيل كفّار، فلا يصحّ أن تدفع إليهم الدّية، فيتقووا بها علينا. والثاني: أنّ حرمة هذا الذي آمن، ولم يهاجر قليلة، فلا دية له، لقوله تعالى في سورة (الأنفال) رقم [٧٢]: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتّى يُهاجِرُوا}. ومن القتل الخطأ ما تراه في الآية رقم [٩٤] الآتية وقصّة أسامة-رضي الله عنه-فيها.

{وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ} أي: وإن كان المقتول ذمّيّا؛ أي: معاهدا، أو داخلا بأمان؛ فحكمه حكم المسلم في دفع الدية لورثته، والكفّارة. قاله ابن عباس، والشّعبيّ، والنّخعي، والشّافعيّ، واختاره الطبريّ، وأجمع العلماء على أنّ دية المرأة على النّصف من دية الرجل، من أجل أن لها نصف ميراث الرّجل، وشهادة امرأتين بشهادة رجل، وهذا إنّما هو في دية الخطأ. وأمّا العمد؛ ففيه القصاص بين الرّجال، والنساء. انظر الآية رقم [١٧٨] من سورة (البقرة).

{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} أي: لم يجد الرقبة، وهي في هذه الأيام مفقودة حسّا، وشرعا، {فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ} أي: فعليه، أو: فالواجب صيام شهرين متتابعين، فلو أفطر يوما في آخر الشهرين بغير عذر شرعيّ؛ استأنف الصيام. {تَوْبَةً مِنَ اللهِ} أي: قبولا من الله، ورحمة منه، أي: حيث خفّف بدفع الدية، ولم يشدّد عليكم بالقصاص. أو المعنى: جعل الله ذلك مغفرة لقاتل الخطأ، وإنّما مسّت حاجة المخطئ إلى التّوبة، والمغفرة؛ لأنّه لم يتحرّز، وكان من حقّه أن يتحفّظ، ومنه قوله تعالى في سورة (البقرة): {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ}.

{وَكانَ اللهُ:} ولا يزال في أزله، وأبده. {عَلِيماً:} بجميع المعلومات، وأمور العباد:

سرّها، وجهرها. {حَكِيماً:} فيما قضى، وحكم، وأوجب، وأبرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>