المرأة، وما يؤدّي إلى الخصومة والشرّ، والفساد وقاية تمنعكم من ذلك. {فَإِنَّ اللهَ كانَ} ولا يزال كائنا {بِما تَعْمَلُونَ:} من سوء العشرة، ومن حسنها. {خَبِيراً:} فيثيبكم خير الجزاء.
وخذ ما يلي:
عن عائشة-رضي الله عنها-قالت: نزلت الآية في المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، يريد طلاقها، ويتزوّج غيرها، فتقول له: أمسكني، لا تطلّقني، ثم تزوّج غيري، وأنت في حل من النفقة عليّ، والقسمة لي. فذلك قوله تعالى:{فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}. متّفق عليه.
تنبيه: كان عمران الخارجي من أقبح بني آدم، وكانت امرأته من أجملهم، فنظرت إليه يوما، وقالت: الحمد لله، على أنّي، وإيّاك من أهل الجنّة! قال: كيف؟! قالت: لأنّك رزقت مثلي، فشكرت، ورزقت مثلك، فصبرت، والجنّة موعودة للشّاكرين، والصّابرين.
عن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-قال: خشيت سودة-رضي الله عنها-أن يطلّقها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: لا تطلّقني، وأمسكني، واجعل يومي لعائشة. ففعل. فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقسم لعائشة يومين: يومها، ويوم سودة. أخرجه الترمذيّ.
هذا؛ وروى مالك عن ابن شهاب عن رافع بن خديج-رضي الله عنه-: أنّه تزوّج خولة.
وقيل: اسمها عمرة بنت محمد بن مسلمة-رضي الله عنهما-فكانت عنده حتى كبرت، فتزوّج عليها فتاة شابة، فآثر الشابّة عليها، فناشدته الطّلاق، فطلّقها واحدة، ثم أهملها حتّى إذا كانت تحلّ؛ راجعها، ثم عاد، فآثر عليها الشّابة، فناشدته الطّلاق، فطلّقها واحدة، ثمّ راجعها، فآثر الشّابة عليها، فناشدته الطّلاق، فقال: إنّما بقيت لك واحدة، فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة، وإن شئت فارقتك؟ قالت: بل أستقرّ على الأثرة، فأمسكها على ذلك، ولم ير رافع -رضي الله عنه-إثما حين استقرّت عنده على الأثرة.
قال أبو عمر بن عبد البر-رحمه الله تعالى-: قوله والله أعلم: «فآثر الشابة عليها» يريد في ميل نفسه إليها، والنشاط لها، لا أنّه آثرها عليها في مطعم، وملبس، ومبيت؛ لأنّ هذا لا ينبغي أن يظنّ بمثل رافع، والله أعلم.
بعد هذا: أضيف الشّحّ إلى الأنفس: لأنّه غريزة فيها. والشحّ في كلام العرب: البخل مع الحرص، وقد فرّق العلماء بين البخل، والشح، فقالوا: البخل نفس المنع، والشحّ الحالة النفسانيّة، التي تقتضي ذلك المنع. وقد ذكرت لك البخل، والشح، وإضرارهما في مواضع كثيرة من هذا الكتاب، وأكتفي هنا بما يلي:
عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إيّاكم والظلم؛ فإنّ الظلم ظلمات يوم القيامة، وإيّاكم والفحش، والتّفحّش، وإيّاكم والشّحّ، فإنّما هلك من كان