أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد... كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه
وهو الشاهد رقم [٣٢٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب». وقال ذو الرّمّة:[البسيط]
خزاية أدركته بعد جولته... من جانب الحبل مخلوطا بها الغضب
هذا؛ والحزن ضد الفرح، والسرور، ولا يكون إلا على ماض، وحزن الرجل، وأحزنه غيره، وحزنه أيضا، مثل: سلكه، وأسلكه. قال اليزيدي: حزنه لغة الحجاز، وأحزنه لغة تميم، وقد قرئ بهما إلا في سورة الأنبياء، فإنّه في الأولى فقط، وهو قوله تعالى:{لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} وهي أفصح اللغتين.
تنبيه: روي: أنّ رجلا شريفا عند اليهود من خيبر زنى بامرأة شريفة في نظرهم، وكانا محصنين، فكره اليهود رجمهما عملا بالتوراة، فأرسلوهما مع رهط منهم إلى بني قريظة؛ ليسألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الحكم فيهما، وقالوا: إن أمركم محمّد بالجلد، والتحميم؛ فاقبلوا، وإن أمركم بالرّجم؛ فلا، فأمرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالرّجم، فأبوا، وقالوا: إنّ التّوراة لا تأمر بالرّجم، وإنّما تأمر بالجلد، والتحميم، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابن صوريا-وهو من علماء اليهود المعظمين عندهم-حكما بينه، وبينهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له:«أنشدك الله، الذي لا إله إلا هو الّذي فلق البحر لموسى، ورفع فوقكم الطّور، وأنجاكم، وأغرق آل فرعون، والّذي أنزل عليكم كتابه، حلاله وحرامه: هل تجد فيه الرّجم على من أحصن؟» قال: نعم. فوثبوا عليه، فقال: خفت إن كذبته أن ينزل علينا العذاب، فأمر بهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرجما عند باب المسجد، ونزلت الآية الكريمة تبيّن ما بيّتوه من مكر، وخديعة، وكشفت نواياهم الخبيثة، وفضحتهم.
تنبيه: أقام الرسول صلّى الله عليه وسلّم حدّ الرّجم على الزانيين حين ترافعوا إليه، ولو لم يترافعوا إليه؛ لما تعرّض لهم بالحكم عليها. وهذا يجري في كلّ زمان، ومكان إلى يوم القيامة، فإن ترافع اليهود، والنّصارى إلى الحاكم المسلم؛ يحكم عليهم بما أنزل الله، وإلا؛ فلا يتعرّض لهم. وانظر الآية التالية:
الإعراب:{يا أَيُّهَا الرَّسُولُ:} انظر إعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} في الآية رقم [١] من هذه السّورة. {لا:} ناهية جازمة. {يَحْزُنْكَ:} فعل مضارع مجزوم ب: {لا} الناهية، وهو يقرأ بفتح الياء، وضم الزاي من الثلاثي، وبضم الياء، وكسر الزاي من الرّباعي، والكاف مفعول به.
{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {يُسارِعُونَ:} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله. {فِي الْكُفْرِ:} متعلقان به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {مِنَ الَّذِينَ:} متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة. و {مِنَ} بيان للموصول الأول. {قالُوا:}
فعل ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها.