للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: بل، وزادوا ثمانية، وأيضا قول ذي الرّمّة: [الطويل]

بدت مثل قرن الشّمس في رونق الضّحى... وصورتها أو أنت في العين أملح

أي: بل أنت، وقيل: معناها الإبهام على المخاطب، ومنه قول أبي الأسود الدؤلي. [الوافر]

أحبّ محمّدا حبّا شديدا... وعبّاسا وحمزة أو عليّا

فإن يك حبّهم رشدا أصبه... ولست بمخطئ إن كان غيّا

ولم يشكّ أبو الأسود الدّؤلي: أنّ حبهم رشد ظاهر، وإنّما قصد الإبهام.

{وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ:} والمراد: جميع الحجارة، أو حجر موسى الذي كان يضربه في التيه لسقيهم. {وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ:} التّشقّق دون التفجر، والمراد منه العيون الصغيرة، والينابيع، وأصل الفعل: يتشقّق، قلبت التاء شينا، ثمّ أدغمت في الثانية بعد سكونها، وقرأ الأعمش على الأصل {وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ} المعنى: من الحجارة ما هو أنفع من قلوبكم، لخروج الماء منها، وتردّيها. قال مجاهد: ما تردّى حجر من رأس جبل، ولا تفجّر نهر من حجر، ولا خرج منه ماء إلا من خشية الله، نزل بذلك القرآن.

وهو صحيح لا غبار عليه.

فإنه لا يمتنع أن يعطي الله بعض الجمادات المعرفة، فتعقل، كالذي روي عن الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا خطب، فلمّا تحول عنه صلّى الله عليه وسلّم؛ حنّ إليه.

وثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «إن حجرا كان يسلّم عليّ في الجاهليّة، إنّي لأعرفه الآن»، وكما روي: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «قال لي ثبير: اهبط فإنّي أخاف أن يقتلوك على ظهري، فيعذبني الله». فناداه حراء: إليّ يا رسول الله! وقال تعالى في آخر سورة (الأحزاب): {إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها..}. إلخ. وقال تعالى في سورة (فصّلت) رقم [١١]:

{ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ}.

ولا تنس قوله تعالى في سورة (الإسراء) رقم [٤٤]: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}. انظر شرح هذه الآيات في محلّها؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

{وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ:} فيه وعيد، وتهديد، والمعنى: أن الله تعالى بالمرصاد لهؤلاء القاسية قلوبهم، وحافظ لأعمالهم حتّى يجازيهم في الآخرة، فهي مسجلة في كتاب، وهو لا يغادر صغيرة، ولا كبيرة إلا أحصاها: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.

بعد هذا: فقسوة القلب سبب في شقاء الفرد، وشقاء المجتمع، والحقد، والحسد، وسبب في ترك الصّلاة، ومنع الزكاة، وترك صلاة الجمعة، والجماعة، وسبب في أكل الرّبا، وفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>