للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله تعالى، قال: هما ملكان أنزلا لتعليم السّحر ابتلاء من الله للناس، وتمييزا بينه وبين المعجزة، وما روي أنّهما بشرين، وركب فيهما الشهوة، فتعرضا لامرأة يقال لها: زهرة، فحملتهما على المعصية، والشرك، ثمّ صعدت إلى السّماء بما تعلّمت منهما؛ فمحكيّ عن اليهود، ولعلّه من رموز الأوائل، وحلّه لا يخفى على ذوي البصائر. وقيل: هما رجلان سمّيا ملكين باعتبار صلاحهما، ويؤيّده قراءة («الملكين») بالكسر! انتهى. وقال الجمل: وقيل: إنّهما أنزلا لتعليم السحر للتمييز بينه وبين المعجزة، لئلا يغترّ به الناس، وذلك: أنّ السحرة كثروا في ذلك الزمان، واستنبطوا أبوابا غريبة من السّحر وكانوا يدّعون النبوة، فبعث الله هذين الملكين؛ ليعلّما الناس أبواب السحر؛ حتّى تمكّنوا من معارضة أولئك الكذّابين، وإظهار النّاس على أمرهم. انتهى. هذا؛ وحديث هاروت، وماروت رواه الإمام أحمد، وابن حبّان في صحيحه عن ابن عمر-رضي الله عنهما-، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو موجود في كتاب التّرغيب، والترهيب، في باب شرب الخمر، والله أعلم.

هذا؛ وقال القرطبيّ-رحمه الله تعالى-بعد أن ذكر ما نسب إلى ابن عباس، وعليّ، وابن مسعود، وابن عمر، وكعب الأحبار، والسّدي، والكلبيّ، رحمهم الله جميعا-: هذا كلّه ضعيف، وبعيد، ولا يصحّ منه شيء، فإنّه قول تدفعه الأصول في الملائكة، الذين هم أمناء الله على وحيه، وسفراؤه إلى رسله، قال تعالى: {لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ}. وقال تعالى: {بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}. وقال جلّ ذكره:

{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ} انتهى باختصار.

الإعراب: ({اِتَّبَعُوا}): فعل ماض وفاعله، والألف للتفريق. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {تَتْلُوا:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو للثقل. {الشَّياطِينُ:} فاعله، والجملة الفعلية صلة {ما} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: اتبعوا الذي، أو شيئا تتلوه الشّياطين. {عَلى مُلْكِ:}

متعلقان بما قبلهما، وملك مضاف، و {سُلَيْمانَ} مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة عوضا عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، وزيادة الألف والنون، وقيل: للعلمية والعجمة، وجملة: {وَاتَّبَعُوا..}. معطوفة على جملة: «نبذ» في الآية السابقة لا محل لها مثلها. {وَما:}

الواو: واو الحال. ({ما}): نافية. {كَفَرَ سُلَيْمانُ:} ماض وفاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من سليمان، والرابط: الواو، وإعادة لفظ {سُلَيْمانَ} للتعظيم، والتفخيم، وهو قائم مقام إضماره.

{وَلكِنَّ:} الواو: حرف عطف. ({لكِنَّ}): حرف استدراك يقرأ بالتّشديد، والتّخفيف.

{الشَّياطِينُ:} اسم ({لكِنَّ}) وهو مبتدأ على رفعه، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف

<<  <  ج: ص:  >  >>