للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فِي السَّماواتِ}: متعلقان بمحذوف صلة الموصول، التقدير: الذي يوجد في السموات.

{وَالْأَرْضِ}: معطوف على ما قبله. {طَوْعاً}: حال بمعنى طائعا، وقيل: مفعول لأجله. وقيل:

مفعول مطلق، ولا وجه له. {وَكَرْهاً}: معطوف على ما قبله. {وَظِلالُهُمْ}: معطوف على {مَنْ،} والهاء في محل جر بالإضافة، وقد راعى معنى {مَنْ} وهو الجمع، وفي تأويل طوعا ب‍ (طائعا) يكون راعى لفظها. تأمل. {بِالْغُدُوِّ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {وَالْآصالِ} معطوف على ما قبله، والجملة الفعلية: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ..}.

الشرح: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}: هذا خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، كلاحقه، والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله: من مالك السموات والأرض؟ ومن مدبرهما وخالقهما؟ قل: الله: أي: أجب عنهم بذلك؛ إذ لا جواب لهم سواه، ولأنه البين الذي لا يمكن الجدال فيه، وإنما جاء السؤال والجواب من جهة واحدة لأن المشركين لا ينكرون أن الله خالق السموات والأرض، وخالق كل شيء، كما ذكر عنهم ذلك في آيات كثيرة. {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ..}. إلخ؟: هذا توبيخ وتقريع للمشركين الذين يعبدون الحجارة والأوثان، التي لا تستطيع أن تنفع نفسها بشيء، وإذا أرادها إنسان بضر لا تستطيع دفعه، وهذا مع اعترافهم بأن الله هو الخالق والمدبر لما في السموات والأرض، وإذا كانت تلك الأصنام لا تملك ذلك لنفسها، فكيف تملكه لمن يعبدها؟!.

{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ}: هذا مثل ضربه الله للكافر الذي لا يبصر الحق، والمؤمن الذي يعرف الحق ويتبعه، والآية رقم [٢١] الآتية توضح هذا؛ وتبينه، وقيل: الأعمى مثل لما عبدوه من دون الله، والبصير مثل الله تعالى، والأولى أولى، وعلى الاعتبارين في الكلام استعارة، {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ} أي: الشر والإيمان، والمعنى: كما أن الأعمى والبصير لا يكونان سواء، كذلك الكافر والمؤمن لا يستويان، وكما أن الظلمات والنور لا يكونان سواء كذلك الكفر والإيمان لا يستويان.

هذا؛ والظلمات جمع ظلمة، وقد جمعت في القرآن الكريم في آيات كثيرة باعتبار تعدد معانيها؛ إذ المراد ظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمة الجهل، وظلمة يوم القيامة، أو المراد ظلمة شديدة كأنها ظلمات متراكمة، ووحد النور؛ لأنه نوع واحد لا يختلف، وقدم الظلمات؛ لأنها مخلوقة قبل النور، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما-، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

«إنّ الله خلق الخلق في ظلمة، ثمّ ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه ذلك النّور اهتدى، ومن أخطأه

<<  <  ج: ص:  >  >>