ومن الدم الكبد والطّحال» رواه الطّبراني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهم أجمعين. هذا؛ وقيده سبحانه وتعالى في سورة (الأنعام) رقم [١٤٥] بقوله:
{أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} أي: سائلا، والمطلق يحمل على المقيّد.
{وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ:} والمراد جميع أجزائه، وإنّما خصّ اللحم بالذّكر؛ لأنه معظم ما يؤكل من الحيوان، ومعظم الانتفاع متعلّق به، ويجمع لحم على: لحوم، ولحام، قال لبيد-رضي الله عنه- في معلّقته:[الكامل]
أدعو بهنّ لعاقر أو مطفل... بذلت لجيران الجميع لحامها
هذا؛ ويقال: لحم، وألحم، ولحمان، ولحام، ورجل لحم شحيم، إذا كان قرما إلى اللّحم. {وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ:} رفع به الصّوت عند الذبح للصنم، هي ذبيحة المجوسيّ، والوثنيّ، والمعطّل. فالمجوسيّ يذبح لناره، والوثني لوثنه، والمعطل-أي الملحد-لا يعتقد شيئا، فيذبح لنفسه، ويدخل في ذلك كلّ ما لم يقصد به وجه الله تعالى، كالذي يذبح على الأضرحة، وللأولياء، ويقول: هذه ذبيحة جدّي فلان، والرّسول صلّى الله عليه وسلّم قال:«لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سماواته، وردّد اللعنة على واحد منهم ثلاثا، ولعن كلّ واحد منهم لعنة تكفيه، قال: ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من أتى شيئا من البهائم، ملعون من عقّ والديه، ملعون من جمع بين امرأة وابنتها، ملعون من غيّر حدود الأرض، ملعون من ادّعى إلى غير مواليه، ملعون من ذبح لغير الله». رواه الطّبراني في الأوسط عن أبي هريرة-رضي الله عنه-، وعنه أيضا: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ملعون من أتى امرأة في دبرها». رواه أحمد، وأبو داود.
ولذلك نهى الإمام عليّ-رضي الله عنه وكرّم الله وجهه-عن أكل الإبل التي ذبحها جد الفرزدق، ومنافسه عند مباراتهما في الكرم، وقال: هذا ممّا ذبح لغير وجه الله! فأكلتها الوحوش، والطيور. وقس على ذلك كلّ ما لم يقصد به وجه الله تعالى.
هذا؛ والإهلال: رفع الصوت، وكانوا يرفعونه عند الذبح لآلهتهم، والأصل: أن يرفع الصوت بالتكبير عند رؤية الهلال في مطلع الشهر الجديد، يقال: أهلّ بكذا، أي: رفع صوته.
قال ابن أحمر يصف فلاة:[السريع]
يهلّ بالفرقد ركبانها... كما يهلّ الرّاكب المعتمر
وقال النابغة:[الكامل]
أو درّة صوفيّة غوّاصها... بهج متى يرها يهلّ ويسجد
{فَمَنِ اضْطُرَّ..}. إلخ: المضطر: هو المكلف بالشيء، الملجأ إليه، المكره عليه، وهو على ثلاثة أقسام: إما بإكراه من ظالم، أو بجوع في مخمصة، أو بفقر لا يجد شيئا البتّة، فإن التّحريم