للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين شكول النّساء خلقتها... قصد، فلا جبلة، ولا قضف

تنام عن كبر شأنها فإذا... قامت رويدا تكاد تنقصف

تغترق الطرف: أي من نظر إليها استغرقت طرفه، وبصره، وشغلته عن النظر إلى غيرها، وهي لاهية عنه، غير محتفلة به. نزف: أي: كأنما ينزف الدم من وجهها لشدة حمرته، وشقرته، والشكول: الضروب، والأمثال. وقصد: ليست بالجسيمة، ولا النحيفة. والجبلة: الغليظة.

والقضف: الدقة، وقلة اللحم.

فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لقد غلغلت النظر إليها يا عدوّ الله». ثم أجلاه عن المدينة إلى الحمى.

رواه مسلم. وزاد أبو داود في رواية: فاحجبوه، وأخرجوه إلى البيداء، فكان يدخل كل جمعة فيستطعم، ولم يزل بذلك المكان حتى قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلما ولي أبو بكر-رضي الله عنه-كلّم فيه، فأبى أن يرده، فلما ولي عمر-رضي الله عنه-؛ كلّم فيه، فأبى أن يرده، ثم كلّم فيه عثمان رضي الله بعد، وقيل: إنه كبر، وضعف، فأذن له أن يدخل المدينة. انتهى. قرطبي بتصرف كبير.

{أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ} أي: لم يكشفوا عن عورات النساء للجماع، فيطلعوا عليها، أو لم يعرفوا العورة من غيرها لصغرهم. وقيل: لم يطيقوا أمر النساء.

هذا؛ والطفل اسم جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف؛ أي الموصول. انظر الآية رقم [٥] من سورة (الحج) فالبحث فيها ضاف كاف، ويقرأ شاذا: «(الأطفال)» كما قرئ:

«(عورات)» بفتح الواو شاذا قراءة، ولغة، وانظر ما ذكرته في خطوات في الآية رقم [٢١] وانظر شرح النساء في الآية رقم [٦٠] الآتية.

{وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ:} قيل: كانت المرأة إذا مشت ضربت برجلها الأرض ليسمع صوت خلخالها، أو يتبين، فنهين عن ذلك، وقيل: إن الرجل تغلب عليه شهوة النساء إذا سمع صوت الخلخال، ويصير ذلك داعية له زائدة في مشاهدتهن، وقد علل الله ذلك برغبتهن في معرفة ما يخفين من زينتهن، فنهى الله عن ذلك؛ لأن إسماع صوت الزينة كإبداء الزينة، أو أشد، والغرض التستر، وسد الذريعة، ولذا نهى الله عنه، والنهي للتحريم، إن فعلت ذلك تبرجا، وتعرضا للرجال، علما بأن الخلخال لم يكن في هذه الأيام زينة للنساء، ولكن الآنسة في هذه الأيام تكشف عن ساعديها، ونحرها، وأذنيها لتري زينتها للغادين، والرائحين بلا خجل، ولا ارعواء، لا من الله، ولا من الناس، ولا حول، ولا قوة إلا بالله!.

{وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً} أي: من التقصير الواقع في أمره، ونهيه، وراجعوا طاعته، فيما أمركم به، ونهاكم عنه من الآداب المذكورة في هذه السورة. قيل: إن أوامر الله، ونواهيه في كل باب، لا يقدر العبد الضعيف على مراعاتها، وإن ضبط نفسه، واجتهد، فلا ينفك عن تقصير يقع

<<  <  ج: ص:  >  >>