يرد الكفر بالله، وانظر (الكفر) في الآية رقم [٣٠] من سورة (الأنبياء). {فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ} أي:
العاصون الخارجون عن طاعة الله تعالى، وانظر الآية رقم [٤]، وانظر شرح {الدِّينِ} في الآية رقم [٧٨] من سورة (الحج)، وشرح (العبادة) في رقم [٦٧] من سورة (الأنبياء).
قال أهل التفسير: أول من كفر النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان-رضي الله عنه-، فلما قتلوه؛ غيّر الله ما بهم، وأدخل عليهم الخوف، حتى صاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخوانا، فعن ابن أخي عبد الله بن سلام-رضي الله عنهما-قال: لما أريد قتل عثمان جاء عبد الله بن سلام، فقال عثمان: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرك، قال: اخرج إلى الناس، فاطردهم، فإنك خارجا خير لي منك داخلا، فخرج عبد الله إلى الناس، فقال: أيها الناس، إن لله سيفا مغمودا عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فو الله إن قتلتموه لتطردنّ جيرانكم الملائكة، وليسلّنّ الله سيفه المغمود عنكم، فلا يغمد إلى يوم القيامة! قالوا: اقتلوا اليهودي، واقتلوا عثمان. أخرجه الترمذي. زاد في رواية غير الترمذي، فما قتل نبي قط إلا قتل به سبعون ألفا، ولا خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا. انتهى. خازن.
الإعراب:{وَعَدَ:} ماض. {اللهُ:} فاعله. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. {آمَنُوا:} ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق. {مِنْكُمْ:} متعلقان بمحذوف في محل نصب حال من واو الجماعة، وجملة:{آمَنُوا مِنْكُمْ} صلة الموصول لا محل لها. (عملوا): ماض، وفاعله. {الصّالِحاتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وجملة:{وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ:} اللام: واقعة في جواب قسم محذوف. (يستخلفنهم): مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، التي هي حرف لا محل له، والفاعل يعود إلى {اللهُ،} والهاء في محل نصب مفعول به. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. والجملة الفعلية جواب قسم محذوف، التقدير: أقسم ليستخلفنهم في الأرض، والقسم وجوابه كلام معطوف على جملة:{وَعَدَ..}. إلخ بواو محذوفة، أو نزّل {وَعَدَ اللهُ} في تحققه منزلة القسم، فتلقي بما يتلقى به القسم، كأنه قيل: أقسم الله ليستخلفنكم. انتهى. زمخشري من الكشاف، ومثله ما نقله الجمل عن السمين، وزاد فيه قوله على الاعتبار الأول: ويكون، مفعول الوعد محذوفا، تقديره:
وعدهم الاستخلاف، لدلالة قوله:{لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} عليه.
وأما مكي بن أبي طالب القيسي-رحمه الله تعالى-فقد قال: أصل «وعد» أن يتعدى إلى مفعولين، ولك أن تقتصر على أحدهما، فلذلك تعدى في هذه الآية إلى مفعول واحد، وفسر العدة بقوله سبحانه:{لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} كما فسر العدة في المائدة بقوله: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} رقم [١٠]