للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ} أي: هي ثلاثة أوقات تكون فيها عوراتكم متعرضة للانكشاف، وسميت هذه الأوقات عورات؛ لأن الإنسان يضع فيها ثيابه. فتبدو عورته. هذا؛ و {عَوْراتٍ} جمع:

عورة، ولم تحرك عين الاسم بالفتح؛ لأنها حرف علة، ولو حركت بالفتح، لا نقلبت ألفا على القاعدة المشهورة: إذا تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا. انظر {خُطُواتِ} في الآية رقم [٢١] وما ذكرته في شرحها. {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ} أي: إثم ومؤاخذة بعد هذه الأوقات في ترك الاستئذان من المماليك والصبيان والخدم.

{طَوّافُونَ عَلَيْكُمْ:} يتردد هؤلاء عليكم، يدخلون، ويخرجون في أشغالكم، وقضاء حوائجكم. {بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ:} يطوف بعضكم على بعض، والمراد به كثرة الدخول، والخروج. {كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ} أي: كما بين حكم الاستئذان في هذه الآية، وفي الآية رقم [٢٨] يبين لكم غيره من الآيات التي احتجتم إلى بيانها، والتي أيضا هي دلالات واضحة على قدرته، وحكمته العالية. {وَاللهُ عَلِيمٌ:} بأمور خلقه، وبمصالحهم. {حَكِيمٌ:} فيما شرع لهم.

خاتمة: لقد اختلف في حكم هذه الآية، فقيل: إنها منسوخة، وعليه ابن عباس وسعيد بن المسيب، وعكرمة-رضي الله عنهم-. وذهب قوم إلى أنها غير منسوخة قاله الشعبي، وقال سعيد بن جبير-رحمه الله تعالى-: إن ناسا يقولون: نسخت، والله ما نسخت، ولكنها مما تهاون به الناس، قيل: ثلاث آيات ترك الناس العمل بهن: هذه الآية، وقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ؛} والناس يقولون: أعظمكم بيتا، وقوله تعالى: {وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى}.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [٢١] فالإعراب فيها واف. {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ:}

مضارع مجزوم بلام الأمر، والكاف مفعول به. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. {مَلَكَتْ:} ماض، والتاء للتأنيث. {أَيْمانُكُمْ:} فاعله، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف، التقدير: الذين ملكتهم أيمانكم، والجملة الفعلية: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {وَالَّذِينَ:} معطوف على ما قبله، فهو في محل رفع مثله. {لَمْ يَبْلُغُوا:} مضارع مجزوم ب‍: {لَمْ،} وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {الْحُلُمَ:} مفعول به. {مِنْكُمْ:} متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة. {ثَلاثَ:}

ظرف زمان متعلق بالفعل {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ} وقيل: هو مفعول مطلق على معنى: ثلاثة استئذانات، والأول أقوى؛ لأنه لم يرد تكرار الاستئذان، و {ثَلاثَ} مضاف، و {مَرّاتٍ} مضاف إليه، وجملة:

{لَمْ يَبْلُغُوا..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها.

{مِنْ قَبْلِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ} في محل نصب بدل من (ثلاث مرات) أو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هي من قبل، وأجاز أبو البقاء وجها

<<  <  ج: ص:  >  >>