الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من أصيب بدم، أو خبل-والخبل: العرج-فهو بالخيار بين إحدى ثلاث، فإن أراد الرّابعة، فخذوا على يديه بين أن يقتصّ، أو يعفو، أو يأخذ العقل، فإن قبل شيئا من ذلك ثمّ عدا بعد ذلك؛ فله النّار خالدا فيها مخلّدا».
هذا؛ وإذا قتل الابن أباه؛ يقتل حتما، وإذا قتل الأب ابنه؛ فيه خلاف، ومذهب مالك: أنّه يقتل إذا قتل ابنه متعمدا، مثل أن يضجعه، ويذبحه، أو يصبره، ويضربه، مما لا عذر له فيه، ولا شبهة في ادّعاء الخطأ: أنّه يقتل به قولا واحدا، فأمّا إن رماه بالسّلاح أدبا، أو حنقا، فقتله، ففيه في المذهب قولان. وقال الشّافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: لا قود فيه، وعليه ديته، فقد روى الدّارقطني، وأبو عيسى التّرمذيّ عن سراقة بن مالك-رضي الله عنه- قال: حضرت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقيد للأب من ابنه، ولا يقيد للابن من أبيه. قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه من حديث سراقة إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بصحيح.
وقد استدل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى بهذه الآية على قوله: لا تقتل الجماعة بالواحد، قال: لأنّ الله سبحانه شرط المساواة، ولا مساواة بين الجماعة والواحد، وقد قال تعالى:{وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها..}. إلخ، والجواب: أنّ المراد بالقصاص في الآية قتل من قتل كائنا من كان ردّا على العرب؛ التي كانت تريد أن تقتل بمن قتل من لم يقتل، وتقتل في مقابلة الواحد مائة افتخارا، واستظهارا بالجاه، والمقدرة، فأمر الله سبحانه بالعدل، والمساواة، وذلك بأن يقتل من قتل، وقد قتل عمر-رضي الله عنه-سبعة برجل بصنعاء، وقال:(لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعا). وقتل عليّ-رضي الله عنه-طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء بعبد الله بن خبّاب. وفي الترمذيّ عن أبي سعيد، وأبي هريرة-رضي الله عنهما-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«لو أنّ أهل السّماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبّهم الله في النّار». وأيضا فلو علم الجماعة: أنهم إذا قتلوا الواحد لم يقتلوا؛ لتعاون الأعداء على قتل أعدائهم بالاشتراك في قتلهم، وبلغوا الأمل من التشفّي. ومراعاة هذه القاعدة أولى من مراعاة الألفاظ. هذا؛ ولا تنس أنّ هنا فعلا محذوفا، التقدير: فمن اعتدى بعد ذلك، فقتل. ومثله آية الصّيام الآتية.
تنبيه: قيل: نزلت الآية الكريمة في الأوس، والخزرج، وكان لأحد الحيّين زيادة على الآخر في الكثرة، والشرف، وكانت حصلت بينهم حروب، ووقعت دماء كثيرة، فأقسم الفريق المتعالي بكثرته. لنقتلنّ بالعبد منّا الحر منهم، وبالمرأة منا الرّجل منا الرّجلين منهم، فلمّا أسلموا جميعا، وأرادوا المصالحة فيما بينهم؛ رفعوا أمرهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله هذه الآية الكريمة، وأمرهم بالمساواة، فرضوا، وسلّموا. وانظر آية (المائدة).
الإعراب:{يا أَيُّهَا:}({يا}): أداة نداء تنوب مناب «أدعو»، أو: أنادي. ({أَيُّهَا}): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب ({يا})، و (ها): حرف تنبيه لا محل له من الإعراب، أقحم