للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إذا بلغ حجرة عائشة، وظن أنهم قد خرجوا، رجع، ورجعت معه، فإذا هم قد خرجوا، فدخل النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأرخى بيني، وبينه الستر، وأنزل الله آية الحجاب.

وروى الشيخان عن عائشة-رضي الله عنها-أن أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المواضع الخالية لقضاء الحاجة من البول، والغائط، وكان عمر-رضي الله عنه-يقول للنبي صلّى الله عليه وسلّم: احجب نساءك، فلم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة! حرصا على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله تعالى آية الحجاب، وهذه الآية من جملة الآيات الأربع عشرة التي نزلت موافقة لرأي عمر رضي الله عنه، وقد بينتها في محالها.

هذا؛ والقائل: أننهى أن نكلم بنات عمنا... إلخ هو طلحة بن عبيد الله التيمي قريب أبي بكر، رضي الله عنه وليس هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، فحاشاه من هذا القول، وإنما القائل غيره، وقد وافق الاسم الاسم، والنسبة النسبة، واسم الأب اسم الأب موافقة. قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: وندم هذا الرجل على ما حدّث به نفسه، فمشى إلى مكة على رجليه. وحمل على عشرة أفراس في سبيل الله، وأعتق رقيقا، فكفر الله عنه. انتهى. قرطبي.

هذا؛ والحياء بالنسبة للإنسان: هو انقباض النفس من الشيء، وتركه خوفا من اللوم، وهو ملكة تمنع الإنسان من ارتكاب الرذائل، والحياء خير ما يتحلى به إنسان، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا رفع أحدهما، رفع الآخر». وإذا ذهب الحياء من الإنسان؛ فقد ذهب منه كل خير، كما قال القائل: [الوافر] إذا لم تخش عاقبة اللّيالي... ولم تستح فاصنع ما تشاء

فلا وأبيك ما في العيش خير... ولا الدّنيا إذا ذهب الحياء

هذا؛ والحياء في حق الله تعالى المراد منه: الترك اللازم للانقباض، كما ورد في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«إنّ الله حييّ كريم يستحيي إذا رفع الرجل يديه أن يردّهما صفرا خائبتين». رواه أبو داود، والترمذي عن سلمان الفارسي، رضي الله عنه. فالمراد منه: أنه سبحانه يعطي، ولا يمنع.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ} انظر الآية رقم [٤٩]. {آمَنُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {لا:} ناهية، جازمة. {تَدْخُلُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍: {لا،} وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {بُيُوتَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله عند بعض النحاة، وفي مقدمتهم سيبويه، والمحققون وعلى رأسهم الأخفش ينصبونه على التوسع في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب عندهم انتصاب المفعول

<<  <  ج: ص:  >  >>