للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ:} أخفوها فيما بينهم، والمراد: الظالمون المحبوسون يوم القيامة، يندم المستكبرون على ضلالهم، وإضلالهم، ويندم المستضعفون على ضلالهم، واتباعهم المضلين.

هذا؛ ويفسر (أسروا) بأظهروا الندامة، وجهروا بها، فهو من الأضداد يكون بمعنى الإخفاء، والإبداء، قال امرؤ القيس: [الطويل] تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا... عليّ حراصا لو يسرّون مقتلي

وقيل: المعنى: تبينات الندامة في أسرار وجوههم. وقيل: الندامة لا تظهر، وإنما تكون في القلب، والذي يظهر ما يتولد عنها. هذا؛ والندم: ضرب من الغم، وهو أن تغتم على ما وقع منك، تتمنى أنه لم يقع، وهو غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام ولزام؛ لأنه كلما تذكر المتندّم عليه، راجعه. من: الندام، وهو لزام الشريب، ودوام صحبته. ومن مقلوباته: أدمن الأمر:

أدامه، ومدن بالمكان: أقام به. ومنه: المدينة. وقد تراهم يجعلون الهم صاحبا، ونجيا، وسميرا، وضجيعا، وموصوفا بأنه لا يفارق صاحبه انتهى. كشاف. {لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ:} لما عاينوا عذاب النار. هذا؛ وإعلال {رَأَوُا} مثل إعلال: {دَعَوْا} في الآية رقم [٣٣] من سورة (الروم). {وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ:} جمع: غلّ. يقال: في رقبته غل من حديد. ومنه قيل للمرأة السيئة الخلق: غل قمل، وأصله أن الغل كان يتخذ من جلد، وعليه شعر فيقمل. والغل، والغلة:

حرارة العطش، وكل ذلك بضم الغين، وهو بكسرها بمعنى الحقد، ورحم الله من قال: [البسيط] يا طالب العيش في أمن وفي دعة... رغدا بلا قتر صفوا بلا رنق

خلّص فؤادك من غلّ ومن حسد... الغلّ في القلب مثل الغلّ في العنق

{فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: وضعت الأغلال في أعناق الكافرين التابعين والمتبوعين، المستضعفين، والمستكبرين. وانظر شرح الكفر في الآية رقم [٣٤] من سورة (الروم). هذا؛ وإنما صرح ب‍: {الَّذِينَ كَفَرُوا} وكان مقتضى القياس أن يقول «في أعناقهم» تنويها بذمهم، وإشعارا بموجب إغلالهم. {هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} أي: لا يجزون إلا بأعمالهم، كل بحسبه للقادة عذاب بحسبهم، وللأتباع عذاب بحسبهم. هذا؛ وقال التيمي: لو أن غلاّ من أغلال جهنم وضع على جبل؛ لوهصه حتى يبلغ الماء الأسود.

الإعراب: {وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا:} إعراب هذا الكلام مثل إعراب سابقه بلا فارق. {بَلْ:} حرف إضراب. {مَكْرُ:} مبتدأ، وهو مضاف، و {اللَّيْلِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به، وإضافة المكر إليه، وخبره محذوف، التقدير: بل مكركم سبب ذلك. أو هو خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: بل سبب ذلك مكركم. وقيل: هو فاعل بفعل محذوف: التقدير: بل صدنا مكركم بنا في الليل والنهار،

<<  <  ج: ص:  >  >>