الخمر، ولم يكن يومئذ للعرب عيش أعجب منها، وما حرّم عليهم شيء أشدّ من الخمر. انتهى.
ما تقدّم من الخازن، والبيضاوي، والنّسفي، والجمل، والكشّاف بتصرّف كبير.
أما بالنسبة لتحريم الخمر، فقد روى أنس-رضي الله عنه-قال: لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الخمر عشرة: «عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشترى له». رواه الترمذيّ.
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله حرّم الخمر، وثمنها، وحرّم الميتة، وثمنها، وحرّم الخنزير، وثمنه». رواه أبو داود، وغيره.
وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من زنى، أو شرب الخمر؛ نزع الله منه الإيمان، كما يخلع الإنسان القميص من رأسه». رواه الحاكم.
وعن خباب بن الأرتّ-رضي الله عنه-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إيّاك والخمرة؛ فإنّ خطيئتها تفرع الخطايا، كما أنّ شجرتها تفرع الشّجر». رواه ابن ماجة.
وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اجتنبوا الخمر؛ فإنّها مفتاح كلّ شرّ». رواه الحاكم.
وعن عثمان بن عفان-رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «اجتنبوا أمّ الخبائث.. إلخ» الحديث. رواه ابن حبّان، والبيهقيّ، والأحاديث في ذلك كثيرة. وروي عن عليّ-رضي الله عنه-قال: لو وقعت قطرة خمر في بئر، فبنيت مكانها منارة؛ لم أؤذّن عليها، ولو وقعت في بحر، ثم جفّ، ونبت فيه الكلأ؛ لم أرعه.
ثمّ إنّ الشّارب يصير ضحكة للعقلاء، فيلعب ببوله، وعذرته، وربما يمسح وجهه به؛ حتّى رؤي بعضهم يمسح وجهه ببوله، ويقول: اللهم اجعلني من التّوابين، واجعلني من المتطهّرين.
ورؤي بعضهم؛ والكلب يلحس وجهه، وهو يقول له: أكرمك الله؛ كما أكرمتني.
وأمّا القمار؛ فإنه يورث العداوة، والبغضاء؛ لأنه أكل مال الغير بالباطل، والحكم في الآية يعمّ جميع أنواع القمار فكلّ شيء فيه مقامرة؛ فهو من الميسر، وكلّ شيء فيه رهن فهو منه، حتى لعب الصبيان بالجوز، والكعاب، والطاولة. وأما النّرد (الورق) فيحرم اللعب به، ولو بغير رهن، ويدلّ على تحريمه ما روي عن بريدة-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من لعب بالنّرد شير؛ فكأنما صبغ يده في دم خنزير». رواه مسلم. وعن أبي موسى الأشعريّ-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من لعب بالنّرد؛ فقد عصى الله ورسوله». أخرجه أبو داود، وغيره، وقد أخرج البيهقيّ كما في الزّواجر عن يحيى بن كثير؛ قال: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على قوم يلعبون بالنّرد، فقال: «قلوب لاهية، وأيد عاملة، وألسنة لاغية».
وعن عليّ-رضي الله عنه-: قال: النّرد، والشّطرنج من الميسر. واختلفوا في الشّطرنج، فمذهب أبي حنيفة: أنه يحرم اللعب به، سواء كان برهن، أو بغير رهن. ومذهب الشافعي: أنّه