{أَتَدْعُونَ بَعْلاً} الآية رقم [١٢٥] من سورة (الصّافات)، والبعل: المستعلي على غيره، ولمّا كان الزوج مستعليا على المرأة، قائما بأمرها؛ سمّي بعلا، ويقال للمرأة أيضا: بعل، وبعلة، كما يقال لها: زوج، وزوجة، والتاء في البعولة لتأنيث الجمع، كعمومة، وخئولة. وفي الكشاف:
والبعولة جمع بعل، والتاء لاحقة لتأنيث اللفظ، كما في الحزونة، والسهولة. {إِنْ أَرادُوا} أي:
الأزواج. {أَصْلَحا} أي: إن أراد لأزواج بالرّجعة الإصلاح، وحسن العشرة، لا الإضرار بهنّ.
وهذا الشرط لا مفهوم له مثل سابقه.
{وَلَهُنَّ:} من الحقوق. {مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ:} للأزواج، وقد بيّن الرسول صلّى الله عليه وسلّم الحقوق، والواجبات المتبادلة بين الزوجين فيما يلي: عن عمرو بن الأحوص الجشمي-رضي الله عنه-:
أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع يقول بعد أن حمد الله، وأثنى عليه، وذكر ووعظ، ثم قال:«ألا استوصوا بالنّساء خيرا، فإنما هنّ عوان عندكم، ليس تملكون منهنّ شيئا غير ذلك؛ إلاّ أن يأتين بفاحشة مبيّنة، فإن فعلن؛ فاهجروهنّ في المضاجع، واضربوهنّ ضربا غير مبرّح، فإن أطعنكم؛ فلا تبغوا عليهنّ سبيلا، ألا إنّ لكم على نسائكم حقّا، ولنسائكم عليكم حقّا، فحقّكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقّهنّ عليكم أن تحسنوا إليهنّ في كسوتهنّ، وطعامهنّ». رواه ابن ماجة، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. هذا؛ وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إنّي لأحبّ أن أتزين لامرأتي، كما أحبّ أن تتزيّن لي؛ لأن الله يقول:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ..}. إلخ. {وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} أي: في الفضيلة في الخلق والخلق، والمنزلة بين الناس، وطاعة الله، والإنفاق، والقيام بالمصالح، والفضل في الدنيا والآخرة، وهو واضح في الميراث، والجهاد، ومن ذلك وجوب طاعتها له إذا دعاها إلى فراشه، ولا يجب عليه إجابتها لذلك، لكن يسنّ؛ حتى يعفّها. قال تعالى في سورة (النساء) رقم [٣٤]: {الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ}.
قال ابن عباس-رضي الله عنهما-التقدير: بما ساق لها من المهر، وبما أنفق عليها.
وقيل: إنّ فضيلة الرجل على المرأة بأمور، منها: العقل، والشهادة، والميراث، والدّية، وصلاحية الإمامة، والقضاء، وللرّجل أن يتزوج عليها، وليس لها ذلك، وبيد الرجل الطلاق، وبيده الرجعة إذا طلقها رجعيّا، وليس بيدها شيء من ذلك. ولا تنس: أنّ هذه الدرجة تكليف، لا تشريف، لقوله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ}. {وَاللهُ عَزِيزٌ} أي: قوي في انتقامه ممّن عصاه، وخالف أمره. {حَكِيمٌ:} في أمره، ونهيه، وشرعه، وتشريعه. ولا يصلح مكان هذه الجملة {وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} انظر الآية رقم [٢١٨].
بعد هذا أذكر: أنه كان الرّجل في الجاهلية يطلّق امرأته ما شاء من الطلاق، ثم يراجعها قبل أن تنقضي عدّتها، ولو طلقها ألف مرة، كان له الحق في مراجعتها، فعمد رجل في الإسلام