للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لامرأته، فقال لها: لا آويك، ولا أدعك تحلّين! قالت: وكيف؟ قال: أطلقك، فإذا دنا مضيّ عدّتك؛ راجعتك. فشكت المرأة أمرها للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله: {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ..}. {الطَّلاقُ مَرَّتانِ..}. إلخ، أما الرجعة إن كانت قبل انقضاء العدّة؛ فلا يكلّف الزوج شيئا ماديّا، ولا تتوقّف الرجعة على رضا الزّوجة، وموافقتها، وأمّا بعد انقضاء العدة؛ فيكلّف الزوج مهرا جديدا، وتحتاج إلى عقد جديد بوليّ، وشاهدين، كما رأيت فيما تقدّم، وتحتاج أيضا إلى موافقة الزوجة؛ لأنها بانقضاء عدّتها ملكت نفسها. هذا؛ والرجعة قبل انقضاء العدّة تحتاج إلى لفظ: راجعت زوجتي، ونحو ذلك عند الشافعي، ومالك، وتحصل الرّجعة قبل قضاء العدّة عند أبي حنيفة بالوطء، والنّظر بشهوة إلى فرجها، وكذا إن قبّلها، أو لمسها بشهوة، ونحو ذلك، ويسنّ الإشهاد على الرّجعة خوفا من الإنكار، قال تعالى في سورة (الطلاق): {فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} رقم [٢].

وفسر الشّيعة الإشهاد على الطّلاق، ولذلك لا يقع الطلاق عندهم إلا إذا أشهد عليه، ووجد من يفتي بذلك، فيتحمّل الذّنوب لقاء دريهمات يأخذها من الناس، وحسابهم على الله تعالى.

الإعراب: ({الْمُطَلَّقاتُ}): مبتدأ. {يَتَرَبَّصْنَ:} فعل مضارع مبني على السكون، ونون النسوة فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها.

{بِأَنْفُسِهِنَّ} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جرّ بالإضافة، والنون حرف دالّ على جماعة الإناث. وقيل: الباء زائدة، و (أنفسهن): توكيد للضمير. وليس بشيء؛ لأنه لا يوجد فاصل لصحّة التوكيد. قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته: [الرجز]

وإن تؤكّد الضّمير المتّصل... بالنّفس، والعين فبعد المنفصل

عنيت ذا الرّفع وأكّدوا بما... سواهما، والقيد لن يلتزما

{ثَلاثَةَ:} مفعول به على حذف مضاف، التقدير: يتربصن مضيّ ثلاثة، فلما حذف المضاف؛ أقيم المضاف إليه مقامه، وقيل: هو ظرف زمان على تقدير مدّة ثلاثة. و {ثَلاثَةَ:}

مضاف، و {قُرُوءٍ:} مضاف إليه. {وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): نافية. {يَحِلُّ:} فعل مضارع، {لَهُنَّ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والنون حرف دال على جماعة الإناث في كلّ الآية. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {يَكْتُمْنَ:} فعل مضارع مبني على السكون، وهو في محل نصب ب‍ {أَنْ،} ونون النسوة فاعله، و {أَنْ} والمضارع في تأويل مصدر في محل رفع فاعل: {يَحِلُّ،} التقدير: ولا يحل لهنّ كتمان، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {خَلَقَ اللهُ:} ماض، وفاعله، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>