{اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ،} وقال جلّ ذكره: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(الأنفال) رقم [٤٥]. فهذه أسباب النصر وشروطه، وهي غير موجودة فينا، فإنا لله، وإنا إليه راجعون على ما أصابنا، وحلّ بنا، ولم يبق من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه؛ لظهور الفساد، ولكثرة الطّغيان، وقلّة الرشاد، حتّى استولى العدوّ شرقا وغربا، برّا، وبحرا، وعمّت الفتن، وعظمت المحن، ولا عاصم إلا من رحم الله.
{وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ} أي: بالمعونة، أو الهداية، والتوفيق، والرعاية، والسّداد، هذا، ومعية الله على نوعين: عامّة، وخاصة، فالأولى لكل الناس، وهي معيّة بالعلم، والقدرة، والإحاطة.
والثانية للمؤمنين المتّقين، والمحسنين، وهي الحفظ، والنصر، والتأييد، والمعونة، قال تعالى:
الإعراب:{فَلَمّا:} الفاء: حرف استئناف. (لمّا): انظر الآية رقم [٢٤٦]. {فَصَلَ طالُوتُ} ماض وفاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبار (لمّا) ظرفا.
{بِالْجُنُودِ:} متعلقان بما قبلهما. {قالَ:} فعل ماض، والفاعل تقديره: هو، يعود إلى {طالُوتُ}. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل، {اللهَ:} اسمها، {مُبْتَلِيكُمْ:} خبر. {إِنَّ} مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدرة على الياء للثقل، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود إلى {اللهَ}. {بِنَهَرٍ:} متعلقان باسم الفاعل، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، جملة:{قالَ..}. إلخ جواب (لما) لا محل لها، و (لما) ومدخولها كلام مستأنف لا محلّ له.
{فَمَنْ:} الفاء: حرف تفريع، (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
{شَرِبَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من) تقديره: هو. {مِنْهُ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في الأصل صفة لمفعول به محذوف، التقدير: شرب ماء منه. الفاء: واقعة في جواب الشّرط. (ليس): فعل ماض ناقص، واسمه مستتر يعود إلى (من) أيضا. {مِنِّي:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (ليس) والجملة في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدّسوقي يقول: لا محلّ لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: جملة الشرط، وقيل: جملة الجواب، وقيل: الجملتان، وهو المرجّح لدى المعاصرين. هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا فهي مبتدأ، وجملة:{شَرِبَ مِنْهُ} صلته، وجملة:(ليس {مِنِّي}) في محل رفع خبره، ودخلت الفاء على الخبر؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، والجملة اسمية على الاعتبارين، وهي في محل نصب مقول القول أيضا، ولا يخفى عليك إعراب {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} إفرادا، وجملة، وهي معطوفة عليها فمحلّها مثلها.