للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ذهب القرن الّذي أنت فيهم... وخلّفت في قرن، فأنت غريب

وخذ قول لبيد بن ربيعة الصحابي-رضي الله عنه-: [الطويل] فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب... لعلّك تهديك القرون الأوائل

والقرن (بفتح القاف) أيضا: الزيادة العظمية، التي تنبت في رؤوس بعض الحيوانات، ومنه إسكندر ذو القرنين. والقرن: الجبل الصغير، وذؤابة المرأة من الشعر. والقرن من القوم:

سيدهم، ومن السيف: حده، ونصله، وجمعه في كل ما تقدم: قرون. هذا؛ وهو بكسر القاف، وسكون الراء: الكفء في الشجاعة، والعلم، ونحوهما، والجمع على هذا: أقران.

هذا؛ و {أَساطِيرُ} جمع: أسطورة، وإسطارة بضم الهمزة في الأول وكسرها في الثاني، فالأول مثل: أحدوثة، وأضحوكة، وأعجوبة، وجمعها: أحاديث، وأضاحيك، وأعاجيب.

وقيل: واحدها: سطر بفتح السين والطاء. وأسطار: جمع، وأساطير: جمع الجمع، مثل:

أقوال، وأقاويل. هذا؛ وسطر الكتابة جمعه في القلة: أسطر، وفي الكثرة: سطور، مثل: فلس، وأفلس، وفلوس. هذا؛ وقد قيل في معنى {أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ:} إنها الترهات، وهي عند العرب غامضة، ومسالك وعرة مشكلة، يقول قائلهم: أخذنا في الترهات، بمعنى عدلنا عن الطريق الواضح إلى الطريق المشكل؛ الذي لا يعرف، فجعلت الترهات مثلا لما لا يعرف، ولا يتضح من الأمور المشكلة الغامضة التي لا أصل لها.

بعد هذا لقد اختلف فيمن نزلت فيه الاية الكريمة، فقد قال ابن عباس، والسدي، وأبو العالية، ومجاهد: نزلت في عبد الله بن أبي بكر-رضي الله عنهما-وكان أبواه يدعوانه إلى الإسلام، فيجيبهما بما أخبر الله، عزّ وجل. وقال قتادة، والسدي أيضا: هو عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه، وكان أبوه، وأمه أم رومان يدعوانه إلى الإسلام، ويعدانه بالبعث، فيرد عليهما بما حكاه الله عزّ وجل عنه، وكان هذا منه قبل إسلامه، وروي: أن عائشة-رضي الله عنها-أنكرت أن تكون نزلت في عبد الرحمن. وقال الحسن، وقتادة أيضا: هي نعت عبد كافر عاق لوالديه. وقال الزجاج: كيف يقال: نزلت في عبد الرحمن قبل إسلامه، والله عزّ وجل يقول: {أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ} أي: العذاب، ومن ضرورته عدم الإيمان، وعبد الرحمن من أفاضل المؤمنين؟! فالصحيح: أنها نزلت في عبد كافر عاق لوالديه. انتهى. قرطبي.

هذا؛ وجاء في مختصر ابن كثير قوله: وهذا عام في كل من قال هذا. ومن زعم: أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، فقوله ضعيف؛ لأنه أسلم بعد ذلك، وحسن إسلامه، وكان من خيار أهل زمانه، وإنما هذا عام في كل من عقّ والديه، وكذّب بالحق، فقال لوالديه: {أُفٍّ لَكُما..}. إلخ. روى ابن أبي حاتم عن عبد الله بن المديني؛ قال: إني لفي المسجد حين خطب

<<  <  ج: ص:  >  >>