النداء له، والتعريف به من غير أن يقصد احتقار الملقب، فهناك علماء أجلاء عرفوا بمثل هذه الألفاظ، كالأخفش، والأعمش... إلخ، والثاني ما أشعر برفعة، وقد لقب النبي صلّى الله عليه وسلّم كثيرا من أصحابه، فلقب أبا بكر بالصدّيق، وعمر بالفاروق، وعثمان بذي النورين، وعليا بأبي تراب، وخالدا بسيف الله... إلخ.
{بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ} أي: بئس الاسم أن تلقبوا إخوانكم بألقاب الذم. روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «من حقّ المؤمن على المؤمن أن يسميه بأحبّ أسمائه إليه». ولهذا كانت التكنية من السنة، والأدب الحسن. قال عمر-رضي الله عنه-: أشيعوا الكنى، فإنها منبهة. ومعنى التكنية أن تقول: يا أبا فلان! يا أم فلان! وبنسب لبعض بني فزارة، وهو الشاهد رقم [٣٣٤] من كتابنا: «فتح رب البرية»: [البسيط] أكنيه حين أناديه لأكرمه... ولا ألقّبه والسوأة اللّقب
كذاك أدّبت حتى صار من خلقي... أني وجدت ملاك الشيمة الأدب
{وَمَنْ لَمْ يَتُبْ} أي: عن هذه الألقاب التي يتأذّى بها السامعون. {فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ:}
لأنفسهم بارتكاب هذه المناهي، ومعصيتهم، ومخالفتهم لصريح الكتاب، والسنة؛ التي تنهى عن ذلك.
بقي أن تعرف: أن {قَوْمٌ:} اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: رهط، ومعشر... إلخ، وهو يطلق على الرجال دون النساء بدليل الاية الكريمة، التي نحن بصدد شرحها، وقال زهير بن أبي سلمى المزني:[الوافر] وما أدري-وسوف إخال أدري-... أقوم آل حصن أم نساء؟
وربما دخل فيه النساء على سبيل التبع للرجال، كما في إرسال الرسل لأقوامهم؛ إذ إن كل لفظ {قَوْمٌ} في القرآن، إنما يراد به الرجال، والنساء جميعا، وهو يذكر، ويؤنث، قال تعالى في سورة (الشعراء): {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} وتأنيثه باعتبار المعنى، وهو أنهم أمة، وطائفة، وجماعة، وسمّوا: قوما؛ لأنهم يقومون مع داعيهم بالشدائد، والمتاعب، إما بالمعاونة معه على كشفها، وإما بالإيذاء، والمضايقة إن عارضوه، وهذا حال أعداء الخير، والإصلاح في كل زمان، ومكان.
الإعراب:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الاية رقم [١]. {لا:} ناهية. {يَسْخَرْ:} مضارع مجزوم ب: {لا} الناهية. {قَوْمٌ:} فاعل، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {مِنْ قَوْمٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {عَسى:} فعل ماض تام هنا مبني على فتح مقدر على الألف. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {يَكُونُوا:} مضارع ناقص منصوب ب: «أن» وعلامة